وقد يقال أيضا : إنّ دليل الواقع وإن كان لا يمكن تعلّقه بالفعل في هذه الحالة إلاّ أنّه ليس إلاّ من جهة قصور (١) في الطلب بحيث لا يصحّ تعلّقه بمطلوب غير معلوم ، وإلاّ فالفعل يشمل على صفة المحبوبية وإن لم يمكن طلبه ولذلك تراهم يحكمون باستحباب صلاة الظهر بخصوصه مثلا على الصبيّ حيث إنّ الأمر به يكشف عن وجود المصلحة الكامنة في الطبيعة المطلقة على ما هو الموضوع له اللفظ (٢) في المادّة إلاّ أنّ الطلب من الصبيّ ممّا يمنع منه المانع ولو شرعا ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون المانع من تعلّق الطلب شرعيا كما في الصبيّ أو عقليا كما فيما نحن بصدده ، وهذا طريق واسع في استنباط المطالب من الألفاظ الدالّة على الطلب وإن قصر الطلب من تمام المقصود كما نبّهنا عليه في عدّة مقامات ، وستطّلع فيما سيأتي إن شاء الله (٣) على نظير المقام ، وهذا كلّه فيما إذا كان المانع من الإتيان بجميع الأفراد عقليا بقسميه من المنع عن جهة معينة أو غيرها.
وأمّا فيما لو كان المانع شرعيا ـ سواء كان الممنوع منه فردا معلوما معيّنا أو غير معيّن ـ فيقع على وجوه ، فتارة يكون حكم الشارع كاشفا عن أنّ الواقع في جهة (٤) غيره ولا إشكال فيه لكونه دليلا اجتهاديا مشخّصا لموضوع الأمر في الجملة ، وأخرى يحكم الشارع بحرمة الجهة الممنوعة فإن كان في غير الفرد المحرّم العلم الإجمالي باقيا فله حكمه من لزوم امتثاله كما في غيره أيضا من الموانع العقلية ، وذلك مثل أنّ الشارع قد نهى عن القياس وحرّم العمل به مع أنّ الاحتياط الكلّي على تقدير الانسداد قاض بالعمل بالمظنونات وسائر السلاسل مطلقا فإنّ بعد المنع عن القياس لا يرتفع العلم الإجمالي من بين سائر السلاسل مظنونا ومشكوكا وموهوما ، فيجب الاحتياط لوجود المقتضي وعدم المانع ، وإن لم يكن في الجهات الباقية
__________________
(١) « س » : قصوره ( ظ ).
(٢) « م » : للفظ.
(٣) « س » : + فيه.
(٤) « ج » : ـ جهة.