والمحتملات الغير الممنوع منها علم إجمالي على وجه يتردّد التكليف بين أن يكون متعلّقا في الواقع بالفرد المحرّم أو بغيره فهو كالمانع العقلي على قسميه ولا كلام فيه ، وإنّما الكلام فيما إذا أسقط الشارع بعض المحتملات لمصلحة في نفس الإسقاط على وجه يحتمل أن يكون الواقع فيما أسقطه معيّنا ، أو جوّز ترك البعض ولو بحسب الاختيار مع عدم العلم الإجمالي في المحتملات الباقية في الصورتين فإنّه يحتمل (١) أن يكون كالمانع العقلي إلاّ أنّ التحقيق خلافه نظرا إلى أنّ الشارع إنّما جعل امتثال الواقع فيه كما في جميع الطرق الظنّية اجتهادية وتعبّدية فكأنّ الشارع اكتفى عن الواقع فيما لم يصادفه المكلّف بالأفراد الباقية و (٢) بالإطاعة فيها ، فالباقي واقع جعلي كالبدل لكن لا على وجه يكون المصلحة فيه في حيال مصلحة الواقع ، ولا على وجه التقييد كما زعمه البعض ، بل على وجه يكون جعل الطريق من متمّمات مصلحة الواقع ، فهو لطف آخر منه تعالى.
وبالجملة ، فلا إشكال في أنّ الواجب على هذا التقدير الإتيان بالجهات الباقية والأفراد المحتملة ، وإنّما الإشكال في كيفية جعل الباقي بدلا عن الواقع مع إمكان تحصيل الواقع ، وهذا إشكال سار في غير المقام من الطرق المجعولة في مقام الظاهر كاليد والاستصحاب والبيّنة فإنّ مع إمكان الرجوع إلى فتوى المجتهد وأخذها منه يصحّ الأخذ من العادل ، ومع إمكان الطهارة الواقعية يصحّ الاكتفاء بالطهارة الاستصحابية ، ولقد نبّهنا على دفعه فيما تقدّم في مباحث الظنّ في دفع مقالة المانع من التعبّد بخبر الواحد ، فعليك بالتأمّل التامّ ، كي تهتدي بالمرام ، فإنّه من مزالّ الأقدام.
والفرق بين ما كان المانع عقليا وبين ما كان شرعيا ظاهر ؛ لعدم حكومة العقل بجعل الباقي بدلا بخلاف الشرع فإنّ المستفاد من وجوب الواقع لدليله (٣) وحكم
__________________
(١) « س » : فيحتمل » بدل : « فإنّه يحتمل ».
(٢) « ج » : ـ و.
(٣) « م » : لدليلته ( ظ ).