بالخطاب معاقبا من حيث إنّ معنى التكليف هو الحمل على الكلفة وفيما لو كان ذلك الحمل بطلب قولي أو غيره مع عدم العلم بالحامل لا حامل له على الفعل.
وبالجملة ، فنحن لا نضايق من القول بعدم ترتّب العقاب على المكلّف في الشبهة التكليفية البدوية من حيث عدم علمه بنفس التكليف بل هو كذلك كما عرفت إلاّ أنّه ليس باعتبار التصرّف في الأدلّة الواقعية.
على أنّ ذلك لو تمّ ، لما صحّ التمسّك بالأصل فيه إذ المعهود منهم في الاستدلال به إنّما هو في الأحكام الظاهرية ، وبعد التصرّف في الأدلّة الواقعية ـ وإن كان التصرّف (١) عقلا بتخصيص ونحوه ـ لم يكن ذلك من الأحكام الظاهرية في شيء لعدم ترتّب أحد الحكمين على الآخر لاختلاف موضوعيهما اختلافا عرضيا.
والحاصل : أنّ الأدلّة الواقعية الدالّة على لزوم الاجتناب عن الخمر والنجس شاملة (٢) للمقام ، والامتثال ممكن ، والعقل حاكم بلزوم تحصيل البراءة ولا مانع منه بعد العلم بالتكليف ووقوع المكلّف به في أشياء محصورة ، فالمقتضي للامتثال ـ وهو العلم بتعلّق التكليف الواقعي بالخمر الواقعي الموجود بين الإناءات المشتبهة ـ موجود ، والمانع مفقود ، والعقل حاكم بلزوم الامتثال ، فلا مناص منه كذا أفاد.
قلت : مضافا إلى أنّ التمسّك بالأصل المذكورة محلّ نظر فإنّ الأصل فيما إذا شكّ في البراءة والاحتياط عند التحقيق فيما لو كان الاحتياط حكما عقليا هو الاحتياط ، فالأصل في المسألة الأصولية أيضا هو الاحتياط ، وستعرف ذلك فيما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وأمّا الثالث ، فلأنّك قد عرفت شمول الخطاب للعالم والجاهل ، ولا قرينة على التقييد لا عرفا ولا عقلا لعين ما مرّ من عدم اعتبار العلم في معاني الألفاظ وضعا ، ولا يقضي بذلك العقل وإنّما هو قاض بعدم العقاب في صورة الجهل ، والعلم في المقام
__________________
(١) « ج ، م » : المتصرّف ( ظ؟ ).
(٢) « س ، م » : شامل.