وأمّا الثاني ، فلعدم دلالة الأمر على أحدهما بهذا الوصف ؛ لكونه أمرا انتزاعيا لا يناط عليه الخطابات الشرعية ولا غيرها.
وأمّا الثالث ، فلقبح العقاب عليه مع كونه مجهولا كما في الشكوك البدوية إن أريد إثبات الوجوب بالنسبة إليه بمجرّد الخطاب المجهول عندنا ؛ إذ المفروض عدم العلم به ، وإن أريد (١) إثبات التكليف بواسطة أدلّة أخرى من إجماع على لزوم الإتيان بشيء ، أو أخبار الاحتياط ، فعلى تقدير وجوده ممّا لا يضرّ بما نحن بصدده من اقتضاء القواعد كما لا يخفى.
والجواب عنه أنّ التكليف بالواقع المجهول عندنا ولا ضير فيه ؛ لأنّ الجهل بالخطاب غير مضرّ بعد العلم بنفس التكليف كما في صورة العلم التفصيلي فيما لو علمنا تفصيلا بأنّ المائع الفلاني إمّا هو خمر ، وإمّا ماء مغصوب فإنّ الخطاب مجهول ، وحيث إنّ العلم حاصل ، فلا ضير في جهل الخطاب ، ففي المقام نحن ندّعي أنّ العلم الإجمالي بمنزلة العلم التفصيلي ، فكما أنّ الجهل بالخطاب مع حصوله لا يضرّ في لزوم العمل على طبقه ، فكذا (٢) في المقام ، فالعلم الإجمالي منجّز للتكليف كالعلم التفصيلي لعموم إطاعة أوامره ونواهيه تعالى عقلا ونقلا.
ويكشف عن ذلك تكليف الكفّار بالفروع مع عدم العلم التفصيلي (٣) بخصوصيات الأحكام الفرعية إجماعا منّا ، وصحّة عقاب الجاهل المقصّر (٤) كما حقّق في محلّه ، وقوله عليهالسلام فيما سأله السائل عن سماع صوت الجواري في الخلأ : « ما أسوأ حالك لو كنت تموت
__________________
(١) سقط قوله : « إثبات الوجوب بالنسبة » إلى هنا من نسخة « س ».
(٢) « س » : وكذا.
(٣) سقط قوله : « لعموم إطاعة أوامره » إلى هنا من نسخة « س ».
(٤) سقط من « ج » : قوله : إجماعا منّا ... الجاهل المقصّر.