بشرط عدم وجوب الجزء المشكوك ، ففساده ظاهر ؛ إذ المفروض ثبوت وجوب الأقلّ ، وأمّا نفي المشكوك ، فهو عين مفاد الأصل ومحلّ جريانه ، وليس من لوازم الحكم المنفيّ بالبراءة حتّى يكون مثبتا ، فالأصل المثبت ممّا لا تعويل عليه كما ستعرف (١) إلاّ أنّ المقام ليس من الأصول المثبتة ؛ إذ ليس المقصود من إجراء الأصل إثبات أنّ الأجزاء المعلومة هي المأمور بها فقط على وجه يكون الإتيان بالأجزاء المشكوكة مانعا عن صحّة الصلاة بل المقصود إثبات أنّ الأجزاء الواجبة هي هذه فقط على وجه لا يكون الغير واجبا ، وقد عرفت أنّ نفي الوجوب إنّما هو عين مفاد الأصل.
والحاصل : أن لا فرق بين القائل بالبراءة والقائل بالاحتياط في عدم إتيان كلّ منهما بعنوان المأمور به إلاّ أنّ المحتاط يأتي بما يوجد معه المأمور به واقعا ، والقائل بالبراءة بما يحصل معه الامتثال شرعا ؛ لما عرفت من أنّ الأصل فيما هو المقصود ليس مثبتا كما زعمه بعض الأجلّة (٢).
وأمّا ثانيا ، فبالحلّ ، وتحقيقه يحتاج إلى تمهيد مقدّمة وهي أنّ ذوات الموجودات الخارجية قد تصير معنونة بعنوانات مختلفة ومحكيا عنها بحكايات (٣) متعدّدة ومصدوقة لمفاهيم متكثّرة ، فكلّما كانت ذات منها متعلّقة للطلب (٤) بعنوان منها ، فيجب إيجادها معنونة بذلك العنوان وليس كلّ ما يعبّر عنه بشيء حكاية لذلك الشيء ؛ إذ ليس المراد بها مجرّد اللفظ والتعبير ، فإنّ اللفظ إنّما هو (٥) معبّر عن مفهوم هو عنوان لذات الفعل الخارجي الصادر من زيد مثلا ، فقد يكون (٦) بعض الألفاظ ممّا لا يعقل له معنى حتّى يكون عنوانا لذات الفعل الخارجي كما إذا كان اللفظ مجملا فإذا تعلّق الطلب بإيجاد ذات من الذوات ، فإن كانت تلك الذات (٧) معنونة بعنوان خاصّ ، فلا بدّ
__________________
(١) « م » : + الآن.
(٢) الفصول : ٣٥٧.
(٣) « ج » : بخطابات.
(٤) « س » : متعلّق لطلب.
(٥) « ج ، م » : ـ هو.
(٦) « س » : مثلا فيكون.
(٧) « ج » : الذوات.