من الامتثال وإيجاد تلك الذات على وجه يصدق معه ذلك العنوان كما إذا قال المولى : أكرم فلانا ، فإنّه لا بدّ من إيجاد ذات الإكرام على وجه يصدق معه الإكرام في الخارج ، وإن لم يكن تلك الذات معنونة بعنوان كما إذا دلّ على وجوبها دليل لبّي كالإجماع ، فالواجب هو إيجاد نفس الذات وإن لم يصدق معه عنوان ، ومثل ذلك الألفاظ المجملة كما إذا قال المولى : جئني بعين ، ولم يعلم المراد منه هو الذهب ، أو الفضّة ، فإنّ وجوب إحدى الذاتين معلوم بهذا اللفظ المجمل إلاّ أنّه لا يجب إيجاد تلك الذات المعلومة بأحد هذين العنوانين وما ينتزع منه من المفاهيم المختلفة (١) والعناوين المتعدّدة ، فليست ممّا يجب تحصيلها وإيجادها ؛ لعدم اعتبارها في الطلب والأمر كالمراد والمأمور به وغير ذلك من وجوه الفعل المتّحدة معه بحسب اختلاف الاعتبارات كما لا يخفى.
وإذ قد تقرّر هذه (٢) فنقول : إنّ محلّ الكلام في المقام فيما إذا قلنا بأنّ الصلاة مجملة ، وليست من المبيّنات ، فقوله تعالى : ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ )(٣) ليس إلاّ مثل قول القائل : جئني بعين ، فكما أنّ الإلهام ، أو الإجماع لو دلّنا على وجوب شيء ولا يجب إحراز عنوان بعد إيجاد ذات الفعل ، فكذا فيما لو كان اللفظ مجملا ، لما عرفت من أنّ مجرّد (٤) التعبير باللفظ لا يصيّر الذات ذات (٥) عنوان ، واللفظ ـ فيما لم يعقل منه معنى ومفهوما مبيّنا ـ لا يكون كاشفا عن عنوان حتّى يجب إحرازه تفصيلا كما إذا علم كذلك أو إجمالا كما في المتباينين.
ومن هنا انقدح الفرق بين ما نحن بصدده من الأقلّ والأكثر في الشبهة الحكمية وبينه في الشبهة الموضوعية ، فإنّ صوم رجب مفهوم معيّن معلوم وعنوان تفصيلي لذات المأمور به ويجب إحرازه تفصيلا ، ولا يتمّ تحصيل (٦) العلم بوجوده وامتثاله إلاّ
__________________
(١) « ج » : المختلطة!
(٢) « ج » : هذا.
(٣) وردت الآية كثيرا في التنزيل العزيز.
(٤) « ج ، م » : بمجرّد.
(٥) « س » : ـ ذات.
(٦) ولا يحصل.