وأخرى : يعمّ الواجبات الغيرية أيضا مع تخصيصها بما فيه كلفة عملية ، فيشمل الأجزاء والشرائط دون القيود المعتبرة في المطلقات ، وقد عرفت أيضا عدم استقامة هذا التخصيص ؛ لعدم ما يوجبه مع وجود ما يقتضي العموم.
وثالثا : يعمّ جميع أقسام الضيق والكلفة من غير تخصيص بواحد (١) دون آخر كما هو المختار ، فكلّ ما ينافي السعة فهو مدفوع بالأصل ، فيشمل ما فيه الضيق ولو بحسب النفس كما لا يخفى ، فيمكن القول بأنّ مفاد البراءة هو الأوّل فيجري البراءة في الواجبات النفسية فقط كما يراه بعض الأجلّة (٢).
ويمكن القول بعمومها للغيرية فقط كما يظهر من المحقّق القمّي (٣) فإنّه قد قال بالبراءة عند الشكّ في الشرطية والجزئية (٤) ، وحكم بالاشتغال في مباحث المطلق والمقيّد (٥) ولا منافاة بين كلاميه وإن كان يرد عليه أنّ القول بجريان البراءة في المتباينين ليس بأولى من جريانها في المطلق والمقيّد كما لا يخفى.
ومن هنا يظهر اندفاع ما قد يتوهّم من التدافع بين ما ذهب إليه صاحب المدارك من القول بالبراءة عند الشكّ في الجزئية والشرطية (٦)(٧) ، والقول بلزوم الاحتياط فيما إذا شكّ في كفاية الفارسية في التكبيرة والتقديم والتأخير (٨) ؛ إذ لعلّه يرجع إلى الإطلاق والتقييد ، فيحكم بالاشتغال فيه ، فتدبّر.
__________________
(١) « ج » : بوجه.
(٢) هو صاحب الفصول وتقدّم عنه.
(٣) « س » : + رحمهالله.
(٤) القوانين ٢ : ٣٠.
(٥) القوانين ١ : ٣٢٥ ـ ٣٢٦.
(٦) « س » : الشرطية والجزئية.
(٧) انظر المدارك ٣ : ٣٠٨.
(٨) قال في المدارك ٣ : ٣٢٠ : لمّا كان النطق بالعربية واجبا وقوفا مع المنقول كان التعلّم لمن لا يعرف واجبا من باب المقدّمة ، فإن تعذّر وضاق الوقت أحرم بلغته مراعيا المعنى العربي فيقول الفارسي : خدا بزرگتر است. وهذا مذهب علمائنا وأكثر العامّة ... ويفهم من قول المصنّف رحمهالله : فإن ضاق الوقت أحرم بترجمتها ، عدم جوازها مع السعة ، وهو إنّما يتّجه مع إمكان التعلّم لا مطلقا.