لا المخلوط معه فإن كان المعتبر في ماهية من هذا القبيل ، فهو شرط ، وينتفي الباقي بعد انتفائه وإن لم يكن كذلك كما في أجزاء المركّبات الخارجية كما في ماء السدر على وجه الاختلاط ، فهو جزء ، ولا يفرق في ذلك بين ورود العبارة الدالّة على الاعتبار على وجه التقييد كما في قولنا : « ماء السدر » أو على وجه الجزئية كما في قولنا : « وليكن فيه شيء من السدر » إذ على تقدير كون المعنى من الأحوال والقيود فيحمل المطلق على المقيّد على هذا التقدير كما إذا قال : « أعتق رقبة » وقال : « ولتكن (١) مؤمنة » بخلاف ما إذا لم يكن الإيمان من الأوصاف الراجعة إليها المتّحدة معها في الوجود.
نعم ، إذا جهل حقيقة الحال بحسب المعنى على وجه لا يتميّز المعنى المعتبر في الماهيّة أنّه هل من أيّ صنف من المعاني ، فلا بأس بالكشف عنه باللفظ الوارد في مقام اعتباره ، فإنّ الألفاظ طريق إلى المعاني.
وبالجملة ، فالحقّ هو الأخذ بعموم هذه الأخبار فيما يساعد عليه العرف من حيث صدق الميسور منه ، ورجوع ضمير الكلّ في « ما لا يدرك كلّه » كما لا يخفى.
فإن قلت : الظاهر من قوله : « ما لا يدرك كلّه ، لا يترك كلّه » اختصاصه بالواجبات فقط ، ومن البعيد في الغاية اختصاص رواية في حكم الواجب دون المندوب كما هو ظاهر لمن مارس الأدلّة.
ولو حملنا قوله : « لا يترك » على مطلق عدم الأهلية للترك بمعنى أنّه لا ينبغي أن يترك ، فلا يجدي أيضا ؛ لأنّ المقصود لزوم الإتيان بالباقي في الواجبات ولا يستفاد من الرواية على هذا التقدير.
قلت : مجرّد الاستبعاد بعد تسليم ظهور الرواية في الواجب غير مضرّ بعد فرض انجبار السند بالعمل ، وإمكان استفادة حكم المستحبّ من الفحوى ، أو باتّحاد المناط ، والعرف يساعد على توزيع الطلب المستفاد من « لا يترك » على حسب اختلاف
__________________
(١) « ج ، م » : وليكن.