أفراده ففي الواجب على سبيل الوجوب ، وفي المستحبّ كذلك ، وليس من استعمال اللفظ في المعنيين كما لا يخفى.
وممّا يدلّ على ذلك رواية عبد الأعلى مولى آل سام في رجل عثر موضع ظفره ، وجعل عليه مرارة ، فما ذا يصنع في الوضوء؟ فأجاب عليهالسلام (١) « بأنّ ذلك وأشباهه : يعرف من كتاب الله قال الله تبارك وتعالى : ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )(٢) فامسح عليها » (٣).
وجه الدلالة أنّ المعصوم عليهالسلام قد أمر باستنباط حكم أشباه المسئول عنه من الكتاب وقرأ الآية النافية للحرج ، ومن المعلوم أنّ المستفاد منها ليس إلاّ عقد سلبي وقضيّة سالبة دالّة على نفي الحرج المستلزم لنفي وجوب المسح على الإصبع نفسه ، وأمّا جواز المسح على المرارة ، فلا يستفاد من الآية بمجرّدها ما لم يلاحظ فيها بأنّ زوال القيد لا يوجب زوال المقيّد في الحكم ، والميسور لا يسقط بالمعسور ، فالرواية يستفاد (٤) منها الحكم بذلك استفادة لا تكاد تنكر ، ومن الظاهر مباينة المسح على الإصبع للمسح على المرارة مباينة حقيقية كما في الحيوان الناطق والحيوان الصاهل إلاّ أنّه لمّا كان العرف يساعد على ذلك ، فقد حكم الإمام عليهالسلام (٥) بمقتضى القاعدة بلزوم المسح على المرارة (٦) ، لعدم المباينة العرفية ، وصدق قوله : « منه » عرفا فيه كما لا يخفى ، وهذا تمام الكلام في الأصل الثانوي ، ومن المعلوم أنّ مراعاة هذا الأصل إنّما هو بعد ملاحظة الدليل الخاصّ في نفس المسألة ، ولا بأس بأن نشير إلى طرف منها ، فنقول :
إنّ الدليل الدالّ على اعتبار شيء في الماهيّة إمّا أن يكون لفظيا أو لبّيا كالإجماع والشهرة على القول بالعبرة بها.
__________________
(١) « ج ، م » : ـ عليهالسلام وكذا في المورد الآتي.
(٢) الحجّ : ٧٨.
(٣) الوسائل ١ : ٤٦٤ ، باب ٣٩ من أبواب الوضوء ، ح ٥ ، والرواية منقولة بالمعنى وتقدّمت في ص ٨٣.
(٤) في النسخ : تستفاد.
(٥) « ج ، م » : ـ عليهالسلام.
(٦) « س » : ـ بلزوم المسح على المرارة.