التراب الخالص المستند إلى الظنّ بوضع الصعيد له ، فإنّ الكلام في الظهور وعدمه إنّما هو بعد أن كان الوضع مفروغا عنه ثابتا بالأدلّة المعتبرة علما أو ظنّا قام القاطع ـ ولو بملاحظة الانسداد ـ على اعتباره ، والوجه في ذلك هو الإجماع تحصيلا ونقلا على لسان غير واحد من الفحول ، وإطباق العقلاء كافّة بل ولولاه لانسدّ سبيل المحاورة ، وانفتح طريق المكابرة ، وعليه جرت العادة ، من لدن آدم إلى يوم القيامة ، بل ربما ينسب القائل بخلافه إلى أصحاب السوداء والجنون.
مضافا إلى أنّه تعالى أجلّ من أن يخاطب قوما ويريد منهم خلاف ما يفهمونه ، وأنّه تعالى ما أرسل من رسول إلاّ بلسان قومه ، وقوله صلىاللهعليهوآله لابن الزبعرى : « ما أجهلك بلسان قومك » (١) مع تقريرهم عليهمالسلام أصحابهم فيما يفهمونه من الألفاظ المتداولة في محاوراتهم ، ومع ذلك كلّه فقد ينسب الخلاف في ذلك إلى بعضهم وهو شاذّ لا يلتفت إليه كما أنّه قد خالفت الأخبارية (٢) في خصوص ظواهر القرآن ما لم يرد عن أحدهم عليهمالسلام نصّ في بيانهم ، وسواء في ذلك المشافهون وغيرهم.
وقد يظهر من المحقّق القمّي رحمهالله (٣) التفصيل بين المشافهين وغيرهم ، فقال بالاعتبار في حقّهم وعدمه في حقّ غيرهم ، ولقد وافق في ذلك صاحب المعالم (٤) حيث يظهر منه اختيار ما أفاده المحقّق القمّي في مقام بيان الدليل الرابع على حجّية أخبار الآحاد وإن كان قد يحتمل كلامه إرادة عدم الحجّية مطلقا ؛ حيث إنّه قد أورد في دفع الاعتراض على مظنونية الأحكام المستنبطة من الكتاب الكريم باختصاص الخطاب (٥)
__________________
(١) انظر : المناقب لابن شهرآشوب ١ : ٤٩ ؛ الصراط المستقيم ١ : ٤٧ ؛ بحار الأنوار ١٨ : ٢٠٠ ؛ القوانين ١ : ١٩٣ ؛ الإحكام للآمدي ٢ : ٢٠٩ ، و ٣ : ٣٩.
(٢) الفوائد المدنية : ٢٦٩ ـ ٢٧١ وفي ط الحجري : ١٣٥ ؛ هداية الأبرار : ١٥٥ ؛ الفوائد الطوسية : ١٨٦ ؛ الأنوار النعمانية ١ : ٣٠٨ ؛ الدرر النجفية : ١٦٩ ـ ١٧٤ ؛ الحدائق ١ : ٢٧ ـ ٣٥.
(٣) القوانين ١ : ٢٢٩ و ٣٩٣ و ٤٠٣ و ٤٥٠ و ٤٥٣ ، و ٢ : ١٠١.
(٤) المعالم : ١٩٣ و ١٠٨.
(٥) « ش » : خطاب.