ولمّا رأى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ اختلاج ساقيه من كثرة القتال رفع رأسه إلى السّماء ـ وهو يبكي ـ وقال : يا ربّ ، وعدتني أن تظهر دينك وإن شئت لم يعيك.
فأقبل عليّ ـ عليه السّلام ـ إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : يا رسول الله ، أسمع دويّا شديدا ، وأسمع أقدم حيزوم ، وما أهمّ أضرب أحدا إلّا سقط ميّتا قبل أن أضربه.
فقال : هذا جبرئيل ـ عليه السّلام ـ وميكائيل وإسرافيل في الملائكة.
ثمّ جاءه جبرئيل ـ عليه السّلام ـ فوقف إلى جنب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : يا محمّد ، إنّ هذه لهي المواساة.
فقال ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إنّ عليّا منّي وأنا منه.
فقال جبرئيل ـ عليه السّلام ـ : وأنا منكما.
ثمّ انهزم النّاس فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لعليّ ـ عليه السّلام ـ : يا عليّ ، امض بسيفك حتّى تعارضهم ، فإن رأيتهم قد ركبوا القلاص وجنّبوا الخيل فإنّهم يريدون مكّة ، وإن رأيتهم قد ركبوا الخيل وهم يجنّبون القلاص فإنّهم يريدون المدينة.
فأتاهم عليّ ـ عليه السّلام ـ فكانوا على القلاص ، فقال أبو سفيان لعليّ ـ عليه السّلام ـ : [يا عليّ ،] (١) ما تريد هو ذا نحن ذاهبون إلى مكّة ، فانصرف إلى صاحبك. فاتّبعهم جبرئيل ـ عليه السّلام ـ فكلّما سمعوا وقع حافر فرسه جدّوا في السّير ، وكان (٢) يتلوهم فإذا ارتحلوا قالوا : هو ذا عسكر محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ قد أقبل.
فدخل أبو سفيان مكّة فأخبرهم الخبر ، وجاء الرّعاة (٣) والحطّابون فدخلوا مكّة ، فقالوا : رأينا عسكر محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ كلّما رحل أبو سفيان نزلوا ، يقدمهم فارس على فرس أشقر يطلب آثارهم. فأقبل (٤) أهل مكّة (٥) على أبي سفيان يوبّخونه.
ورحل النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ والرّاية مع عليّ ـ عليه السّلام ـ وهو بين
__________________
(١) من المصدر.
(٢) ر : كانوا.
(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «فجاء الرعاء» بدل «وجاء الرعاة».
(٤) ر : فاقبلوا.
(٥) أ : إلى أهل مكّة.