يديه ، فلمّا أن أشرف بالرّاية من العقبة ورآه النّاس نادى عليّ ـ عليه السّلام ـ : أيّها النّاس ، هذا محمّد لم يمت ولم يقتل. فقال صاحب الكلام ـ الّذي قال : الآن يسخر بنا وقد هزمنا ـ : هذا عليّ والرّاية بيده. حتّى هجم عليهم النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ ونساء الأنصار في أفنيتهم على أبواب دورهم ، وخرج الرّجال إليه يلوذون به ويتوبون (١) إليه ، والنّساء ـ نساء الأنصار ـ قد خدشن الوجوه ونشرن الشّعور وجززن النّواصي وخرقن الجيوب وحرمن البطون على النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فلمّا رأينه قال لهنّ خيرا ، وأمرهنّ أن يستترن ويدخلن منازلهنّ وقال : إنّ الله ـ تعالى ـ وعدني أن يظهر دينه على الأديان كلّها. وأنزل الله على محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ [مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ. وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً)].(٢) (الآية).
وفي روضة الكافي (٣) : خطبة مسندة إلى أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ وهي خطبة الوسيلة ، يقول فيها ـ عليه السّلام ـ : حتّى إذا دعا الله ـ عزّ وجلّ ـ نبيّه ورفعه إليه ، لم يك ذلك بعده إلّا كلمحة من خفقة أو رميض من برقة إلى أن رجعوا على الأعقاب ، وانتكصوا على الأدبار ، وطلبوا بالأوتار ، وأظهروا الكتائب ، وردموا الباب ، وفلّوا الدّار (٤) ، وغيّروا آثار رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ورغبوا عن أحكامه ، وبعدوا من أنواره ، واستخلفوا (٥) بمستخلفه بديلا اتّخذوه وكانوا ظالمين ، وزعموا أنّ من اختاروا من آل أبي قحافة أولى بمقام رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ممّن اختاره الرّسول (٦) ـ صلّى الله عليه وآله ـ لمقامه ، وأنّ مهاجر آل أبي قحافة خير من المهاجريّ (٧) الأنصاريّ الرّبّانيّ ، ناموس هاشم بن عبد مناف.
عليّ بن محمّد ، عن عليّ بن العبّاس (٨) ، عن عليّ بن حمّاد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال (٩) : وقال لأعداء الله أولياء الشّيطان أهل
__________________
(١) المصدر : «يثوبون». وذكر فيه في الهامش أنّه في بعض نسخ «يتوبون».
(٢) من المصدر.
(٣) نفس المصدر ٨ / ٢٩ ، ضمن حديث ٤.
(٤) المصدر : الديار.
(٥) المصدر : استبدلوا.
(٦) اختار رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله.
(٧) هكذا في المصدر ، وفي النسخ : المهاجر.
(٨) نفس المصدر ٨ / ٣٧٩ ، ضمن حديث ٥٧٤.
(٩) ليس في المصدر.