والأنصار ، من كانت به جراحة فليخرج ، ومن لم يكن به جراحة فليقم. فأقبلوا يضمدون جراحاتهم ويداوونها ، فخرجوا على ما بهم من الألم والجراح.
فلمّا بلغ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ حمراء (١) الأسد ، وقريش قد نزلت الرّوحاء ، قال عكرمة بن أبي جهل والحارث بن هشام وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد : نرجع فنغير على المدينة ، فقد قتلنا سراتهم وكبشهم ـ يعنون ، حمزة ـ فوافاهم رجل خرج من المدينة فسألوه الخبر.
فقال : تركت محمّدا وأصحابه بحمراء الأسد يطلبونكم جدّ الطّلب.
فقال أبو سفيان : هذا النّكد والبغي ، فقد ظفرنا بالقوم وبغينا ، والله ما أفلح قوم قطّ بغوا. فوافاهم (٢) نعيم بن مسعود الأشجعيّ.
فقال أبو سفيان : أين تريد؟
قال : المدينة ، لأمتار (٣) لأهلي طعاما.
قال : هل لك أن تمرّ بحمراء الأسد وتلقى أصحاب محمّد وتعلمهم أنّ حلفاءنا وموالينا قد وافونا من الأحابيش ، حتّى يرجعوا عنّا ، ولك عندي عشرة قلائص أملؤها تمرا وزبيبا؟
قال : نعم. فوافى من غد (٤) ذلك اليوم حمراء الأسد.
فقال لأصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أين تريدون؟
قالوا : قريشا.
قال : ارجعوا ، فإنّ قريشا قد اجتمعت عليهم (٥) حلفاؤهم ومن كان تخلّف عنهم ، وما أظنّ إلّا وأوائل خيلهم يطلعون (٦) عليكم السّاعة.
فقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ، ما نبالي.
فنزل (٧) جبرئيل على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : ارجع يا محمّد ، فإنّ الله قد أرعب (٨) قريشا ومرّوا لا يلوون على شيء. فرجع (٩) رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ
__________________
(١) المصدر : بحمراء.
(٢) أ : خوافاهم.
(٣) أور : لأسار.
(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : عند.
(٥) المصدر : «قد أجنجت إليهم» بدل «قد اجتمعت عليهم».
(٦) المصدر : «القوم قد طلعوا» بدل «خيلهم يطلعون».
(٧) المصدر : «ونزل» بدل «ما نبالى فنزل».
(٨) المصدر : أرهب.
(٩) المصدر : ورجع.