وفي تفسير العيّاشيّ (١) : عن جابر ، عن محمّد بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ قال : لمّا وجّه النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أمير المؤمنين وعمّار بن ياسر إلى أهل مكّة ، قالوا : بعث هذا الصّبيّ ولو بعث غيره إلى أهل مكّة! وفي مكّة صناديد قريش ورجالها ، والله الكفر أولى بنا (٢) ممّا نحن فيه. فساروا وقالوا وخوّفوهما بأهل مكّة ، وغلّظوا عليهما الأمر.
فقال عليّ ـ عليه السّلام ـ : (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) ، ومضيا.
فلما دخلا مكّة أخبر (٣) الله نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ بقولهم لعليّ وبقول عليّ لهم ، فأنزل الله بأسمائهم في كتابه ، وذلك قوله : «ألم تر إلى (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) وإنّما أنزلت «ألم تر» إلى فلان وفلان لقوا عليّا وعمّار فقالا : إنّ أبا سفيان وعبد الله بن عامر وأهل مكّة قد جمعوا لكم فاخشوهم ، فزادهم (٤) إيمانا وقالوا : (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
[وفي شرح الآيات الباهرة (٥) : ونقل ابن مردويه ـ من الجمهور ـ عن أبي رافع (٦) أنّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ وجّه عليّا ـ عليه السّلام ـ في نفر في طلب أبي سفيان فلقيه أعرابيّ من خزاعة ، فقال له : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) ، يعني ، أبا سفيان وأصحابه.
فقالوا : يعني : عليّا وأصحابه : (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ). فنزلت هذه الآية إلى قوله : (وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ)].(٧)
وأقول في الجمع بين الخبر الأوّل وهذان الخبران : الآية نزلت أوّلا على الوجه الأوّل كما في الخبر الأوّل ، وجرت من الله في الوجه الثّاني ، وفصّلت في الثّاني بالتصريح بالأسماء ، فأثبت في القرآن على الوجه الأوّل.
__________________
(١) تفسير العياشي ١ / ٢٠٦ ، ح ١٥٤.
(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «بنا أولى» بدل «أولى بنا».
(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : خبر.
(٤) المصدر : وزادهم.
(٥) تأويل الآيات الباهرة ، مخطوط / ٤٥.
(٦) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «ابن رافع». وهي خطأ. ر. تنقيح المقال ١ / ٩ ، رقم ٣٨.
(٧) ما بين المعقوفتين ليس في أ.