حفظت من الإجمال والاشتباه.
(هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) : أصله ، يردّ إليها غيرها. والقياس أمّهات ، فأفرد على تأويل واحدة ، أو على أنّ الكلّ بمنزلة آية واحدة.
(وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) : محتملات ، لا يتضح مقصودها لإجمال أو مخالفة ظاهر.
والعلّة في ذلك ما رواه في كتاب الاحتجاج (١) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في حديث طويل وفيه يقول : ثمّ إنّ الله ـ جلّ ذكره ـ لسبقة (٢) رحمته ورأفته بخلقه ، وعلمه بما يحدثه المبدّلون من تغيير كلامه ، قسّم كلامه ثلاثة أقسام : فجعل قسما منه يعرفه (٣) العالم والجاهل ، وقسما لا يعرفه إلّا من صفا ذهنه ولطف حسّه وصحّ تميّزه ممّن شرح الله صدره للإسلام ، وقسما لا يعرفه إلّا الله وأنبياؤه (٤) والرّاسخون في العلم. وإنّما فعل ذلك ، لئلّا يدّعي أهل الباطل من المستولين على ميراث رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من علم الكتاب ما لم يجعله (٥) الله (٦) لهم ، وليقودهم الاضطرار إلى الائتمار لمن (٧) ولاه أمرهم ، فاستكبروا عن طاعته تعزّزا (٨) وافتراء على الله ، واغترارا بكثرة من ظاهرهم وعاونهم وعاند (٩) الله ـ جل اسمه ـ ورسوله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
واعلم أنّ قسمين ممّا ذكر في الخبر داخل في المحكم المذكور في الآية. وأمّا قوله : (كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ) ، فمعناه : أنّها حفظت من فساد المعنى ، وركاكة اللّفظ. وقوله : (كِتاباً مُتَشابِهاً). فمعناه : يشبه بعضه بعضا في صحّة المعنى ، وجزالة اللّفظ. «وأخر» جمع أخرى ، ولم ينصرف لأنّه وصف معدول من «الآخر» ولا يلزم معرفته ، لأنّ معناه أنّ القياس أن يعرّف ، ولم يعرّف لأنّه (١٠) معرّف في المعنى (١١) أو من آخر من بهذا المعنى (١٢).
في أصول الكافي (١٣) : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن محمّد بن أورمة ، عن عليّ بن حسّان ، عن عبد الرّحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله
__________________
(١) الاحتجاج ١ / ٣٧٦.
(٢) المصدر : لسعة.
(٣) أ : معرفة.
(٤) المصدر : أمناؤه.
(٥) المصدر : يجعل.
(٦) ليس في أ.
(٧) النسخ : بمن وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٨) النسخ : تفررا. وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٩) الأصل : عاندا. وما أثبتناه في المتن موافق أ.
(١٠) الأصل : لا أنّه. وما أثبتناه في المتن موافق ر.
(١١ و ١٢) أ : الحق.
(١٣) الكافي ١ / ٤١٤ ، ح ١٤.