النّظر والتّأمّل ، ووجد المعطّلون وأهل الملل المخالفة للإسلام مساغا إلى القدح في القرآن ، ولو شرحت لك كلّ ما أسقط وحرّف وبدّل ممّا يجري هذا المجرى ، لطال وظهر ما تحظر التّقيّة إظهاره من مناقب الأولياء ومثالب الأعداء.
[وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) قال : نزلت مع قوله : (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) فنصف الآية في أوّل السّورة ونصفها على رأس المائة وعشرين آية ، وذلك أنّهم كانوا لا يستحلّون أن يتزوّجوا يتيمة قد ربّوها ، فسألوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عن ذلك ، فأنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ : (يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ) ـ إلى قوله ـ : (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ)].(٢) وإنما عبّر عنهنّ «بما» ذهابا إلى الصّفة ، أو إجراء لهنّ مجرى غير العقلاء لنقصان عقلهنّ.
وقرئ : «تقسطوا» بفتح التاء ، على أنّ «لا» مزيدة ، أي : إن خفتم أن تجوروا (٣).
(مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) ، أي : ثنتين ثنتين (٤) وثلاثا ثلاثا وأربعا أربعا (٥).
منصوبة على الحال من فاعل «طاب» أو «ممّا طاب» بالفتحة ، لأنّها غير متصرّفة للعدل والصّفة ، فإنّها بنيت على صفات وإن لم تبن أصولها لها.
وقيل (٦) : لتكرير العدل ، فإنّها معدولة باعتبار الصّيغة وباعتبار التّكرير ، لأنّها أخرجت عن الأوزان الأصيلة ، وعن التّكرير إلى الوحدة ، ومعناه : التّخيير في العدد لكلّ أحد إلى أربع. وإنّما أتى بهذه الصيغ وبالواو دون كلمة «أو» إذ لو أفرده. وقيل (٧) : اثنتين وثلاثا وأربعا ، كان المعنى تجويز الجمع بين هذه الأعداد دون التّوزيع. ولو ذكره «بأو» لذهب تجويز الاختلاف في العدد. وإنّما لم يذكر الآحاد ، لأنّ المراد نفي الحرج في الزّائد.
__________________
(١) تفسير القمي ١ / ١٣٠.
(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٠٣.
(٤) هكذا في أنوار التنزيل. وفي النسخ : اثنين اثنين.
(٥) هكذا في أنوار التنزيل. وفي النسخ : أربع أربع.
(٦) نفس المصدر والموضع.
(٧) نفس المصدر والموضع.