ولا تناقض بين الأخبار.
(فَإِنْ كُنَّ نِساءً) ، أي : كان الأولاد نساء خلّصا ليس معهنّ ذكر. فأنّث الضّمير باعتبار الخبر ، أو على تأويل المولودات.
(فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) : خبر ثان ، أو صفة النّساء ، أي : نساء زائدات على اثنتين.
(فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ) : المتوفّى منكم ، ويدلّ عليه المعنى.
(وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) ، أي : وإن كانت المولودة واحدة.
وقرأ نافع ، بالرّفع ، على «كان» التّامّة. واختلف في الثنتين (١) فقال ابن عبّاس : حكمهما حكم الواحدة ، لأنّه ـ تعالى ـ جعل الثّلثين لما فوقهما.
وقال الباقون : حكمهما حكم ما فوقهما ، لأنّه ـ تعالى ـ لمّا بيّن أنّ حظّ الذّكر مثل حظّ الأنثيين ـ إذا كان معه أنثى وهو الثّلثان ـ اقتضى ذلك أنّ حظّهما الثّلثان. ثمّ لمّا أوهم ذلك أن يزداد النّصيب بزيادة العدد ردّ ذلك بقوله : (فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) ويؤيّد ذلك ، أنّ البنت الواحدة لمّا استحقّت الثّلث مع أخيها فبالحريّ أن تستحقّه مع أخت مثلها ، وأنّ البنتين أمسّ رحما من الأختين ، وقد فرض لهما الثّلثين بقوله : ولهما الثّلثان ممّا ترك (٢).
قال محمّد بن يعقوب في الكافي (٣) : وقد تكلّم النّاس في أمر البنتين (٤) من أين جعل لهما الثّلثان والله ـ عزّ ذكره ـ إنّما جعل الثّلثين لما فوق اثنتين ، فقال قوم بإجماع ، وقال قوم قياسا ، كما أن كان للواحدة النّصف كان ذلك دليلا على أنّ المال (٥) لما فوق الواحدة الثّلثان. وقال قوم بالتّقليد والرّواية ، ولم يصب واحد منهم الوجه في ذلك. فقلنا : إنّ الله ـ جلّ ذكره ـ جعل حظّ الأنثيين الثّلثين بقوله : (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) وذلك أنّه إذا ترك الرّجل بنتين (٦) وابنا ، فللذّكر مثل حظّ الأنثيين ، وهو الثّلثان ، فحظّ الأنثيين الثّلثان ، واكتفى بهذا لبيان أن يكون ذكر الأنثيين بالثلثين ، وهذا بيان قد جهله كلّهم والحمد لله كثيرا.
(وَلِأَبَوَيْهِ) ، أي : لأبوي الميّت.
__________________
(١) المصدر : الثلثين.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٢٠٦.
(٣) الكافي ٧ / ٧٢ ـ ٧٣.
(٤) المصدر : الابنتين.
(٥) ليس في المصدر.
(٦) المصدر : بنتا.