المدينة فيفرّ المهديّ ـ عليه السّلام ـ منها إلى مكّة. فيبلغ أمير جيش السّفياني أنّ المهديّ قد خرج من المدينة. فيبعث جيشا على أثره فلا يدركه حتّى يدخل مكّة خائفا يترقّب على سنّة موسى بن عمران.
[قال :] (١) وينزل جيش أمير السّفيانيّ البيداء. فينادي مناد من السّماء : «يا بيداء بيدي (٢) بالقوم.» فيخسف بهم البيداء ، فلا يفلت منهم إلّا ثلاثة نفر يحوّل الله وجوههم في أقفيتهم. وهم من كلب. وفيهم أنزلت [هذه الآية] (٣) «(يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما) أنزل على عبدنا» ، يعني : القائم ـ عليه السّلام ـ (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها).
وروى عمرو بن شمر ، عن جابر (٤) قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : نزلت هذه الآية على محمّد هكذا : «يا أيّها الّذين أوتوا الكتاب آمنوا بما أنزلت في عليّ مصدّقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردّها على أدبارها أو نلعنهم» إلى [قوله] (٥) «مفعولا» وأمّا قوله : (مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) يعني : مصدّقا برسول (٦) الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
وفي أصول الكافي (٧) : عليّ بن إبراهيم ، عن أحمد بن محمّد البرقيّ ، عن أبيه ، عن محمّد بن سنان ، عن عمّار بن مروان ، عن منخّل ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : نزل جبرئيل على محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ بهذه الآية هكذا : يا أيّها الّذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزّلنا في عليّ ـ عليه السّلام ـ نورا مبينا.
(أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ) : أو نخزيهم بالمسخ كما أخزينا به أصحاب السّبت ، أو نلعنهم على لسانك كما لعنّاهم على لسان داود. والضّمير لأصحاب الوجوه ، أو للّذين على طريقة الالتفات ، أو للوجوه إن أريد بها الوجهاء.
قيل (٨) : وعطفه على الطّمس بالمعنى الأوّل يدلّ على أنّ المراد به ليس مسخ الصّورة في الدّنيا.
__________________
(١) من المصدر.
(٢) المصدر : أبيدي.
(٣) من المصدر.
(٤) نفس المصدر ١ / ٢٤٥ ، ح ١٤٨.
(٥) من المصدر.
(٦) هكذا في المصدر. وفي النسخ : لرسول.
(٧) الكافي ١ / ٤١٧ ، ح ٢٧.
(٨) أنوار التنزيل ١ / ٢٢٣.