إنّ الله كلّف رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ما لم يكلّف أحدا من خلقه ، كلّفه أن يخرج على النّاس كلّهم وحده بنفسه إن لم يجد فئة تقاتل معه ، ولم يكلّف هذا أحدا [من] (١) قبله ولا بعده ، ثمّ تلا هذه الآية (٢).
عليّ بن إبراهيم (٣) ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر وعدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن إبراهيم بن محمّد الثّقفيّ ، عن محمّد بن مروان جميعا ، عن أبان بن عثمان ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أعطى محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ وعدّد أشياء كثيرة ، وفي آخر الحديث قال ـ عليه السّلام ـ : ثمّ كلّف ما لم يكلّف أحد من الأنبياء ، أنزل عليه سيفا من السّماء في غير غمد وقيل له : (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ).
ونقل (٤) : أنّ أبا سفيان يوم أحد لمّا رجع واعد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ موسم بدر الصّغرى. فكره النّاس وتثاقلوا حين بلغ الميعاد. فنزلت. فخرج النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ وما معه إلّا سبعون. ولو لم يتبعه أحد لخرج وحده.
وقرئ : «لا تكلّف» بالجزم. و «لا نكلّف» بالنّون ، على بناء الفاعل ، أي : لا نكلّفك إلّا فعل نفسك ، لا أنّا لا نكلّف أحدا إلّا نفسك [لقوله :] (٥).
(وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) : على القتال ، إذ ما عليك في شأنهم إلّا التّحريض.
(عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، يعني : قريشا. وقد فعل ، بأن ألقى في قلوبهم الرّعب حتّى رجعوا.
(وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً) : من قريش.
(وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً) (٨٤) : تعذيبا. وهو تقريع وتهديد لمن لم يتّبعه.
[وفي تفسير العيّاشي (٦) : عن سليمان بن خالد قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : قول النّاس لعليّ : إن كان له حقّ فما منعه أن يقوم به؟
قال : فقال : إنّ الله لم يكلّف هذا إلّا إنسانا (٧) واحدا رسول الله
__________________
(١) من المصدر.
(٢) ثم ذكر في المصدر نفس الآية.
(٣) نفس المصدر ٢ / ١٧ ، ح ١.
(٤) مجمع البيان ٢ / ٨٣.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٢٣٣ والزيادة من المصدر.
(٦) تفسير العيّاشي ١ / ٢٦١ ، ح ٢١١.
(٧) المصدر : «الإنسان» بدل «إلّا الإنسان».