الرّضا ـ عليه السّلام ـ : فإن قال : فلم قصرت الصّلاة في السّفر؟ قيل : لأنّ الصّلاة المفروضة أوّلا إنّما هي عشر ركعات ، والسّبع إنّما زيدت فيما بعد. فخفّف عنه تلك الزّيادة لموضع سفره وتعبه ونصبه واشتغاله بأمر نفسه وظعنه وإقامته لئلّا يشتغل عمّا لا بدّ له من معيشته ، رحمة من الله ـ تعالى ـ وتعطّفا عليه ، إلّا صلاة المغرب. فإنّها لم تقصر.
لأنّها صلاة مقصرة في الأصل.
فإن قال : فلم وجب التّقصير في ثمانية فراسخ لا أقلّ من ذلك ولا أكثر؟
قيل : لأنّ ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامّة والقوافل والأثقال. فوجب التّقصير في مسيرة يوم. فإن قال : فلم وجب التّقصير في مسيرة يوم؟
قيل : لأنّه لو لم يجب في مسيرة يوم لما وجب في مسيرة سنة. وذلك أنّ كلّ يوم يكون بعد هذا اليوم فإنّما هو نظير هذا اليوم. فلو لم يجب في هذا اليوم لما وجب في نظيره إذا كان نظيره مثله لا فرق بينهما.
وفي الكافي (١) : عليّ بن محمّد ، عن بعض أصحابنا ، عن عليّ بن الحكم ، عن ربيع بن محمّد المسلي (٢) ، عن عبد الله بن سليمان العامريّ ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : لمّا عرج برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ نزل بالصّلاة عشر ركعات ، ركعتين ركعتين. فلمّا ولد الحسن ـ عليه السّلام ـ والحسين زاد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ سبع ركعات شكرا لله. فأجاز الله ذلك. وترك الفجر. ولم يزد فيها شيئا لضيق وقتها. لأنّه يحضرها ملائكة اللّيل وملائكة النّهار. فلمّا أمره الله بالتّقصير في السّفر وضع عن أمّته ستّ ركعات وترك المغرب لم ينقص منها شيئا.
وفي كتاب علل الشّرائع (٣) ، بإسناده إلى أبي محمّد العلويّ الدّينوريّ ، بإسناده رفع الحديث إلى الصّادق ـ عليه السّلام ـ قال : قلت : لم صارت المغرب ثلاث ركعات وأربعا بعدها ليس فيها تقصير في حضر ولا في سفر؟
فقال : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ أنزل على نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ كلّ صلاة
__________________
(١) الكافي ٣ / ٤٨٧ ، ح ٢.
(٢) النسخ : «المسلميّ». وهي خطأ. ر. تنقيح المقال ١ / ٤٢٧ ، رقم ٤٠٢٠. وهو الربيع بن محمد بن عمر بن حسّان الأصم المسلّميّ الكوفي.
(٣) علل الشرائع ٢ / ٣٢٤ ، ح ١.