(مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى) : ظهر له الحقّ.
(وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) : غير ما هم عليه ، من اعتقاد وعمل.
(نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى) : نجعله واليا لمن تولّى من الضّلال ، ونخلّي بينه وبين ما اختاره. (وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ) : وندخله فيها.
وقرئ ، بفتح النّون. من صلا. (١) (وَساءَتْ مَصِيراً) (١١٥) : جهنّم.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : أنّها نزلت في بشير ، كما مرّ.
قال البيضاويّ (٣) : والآية تدلّ على حرمة مخالفة الإجماع ، لأنّه ـ تعالى ـ رتّب الوعيد الشّديد على المشاقّة واتّباع غير سبيل المؤمنين. وذلك إمّا لحرمة كلّ واحد منهما ، أو أحدهما ، أو الجمع بينهما. والثّاني باطل إذ يقبح أن يقال : من شرب الخمر وأكل الخبز استوجب الحدّ. وكذا الثّالث ، لأنّ المشاقّة محرمة ضمّ إليها غيرها أو لم يضمّ. وإذا كان اتّباع غير سبيلهم محرّما كان اتّباع سبيلهم واجبا ، لأنّ ترك اتّباع سبيلهم ممّن عرف سبيلهم اتّباع غير سبيلهم.
وفيه ، أنّه لا شكّ في حجّيّة إجماع جميع المسلمين باعتبار دخول المعصوم فيه ، ولا يلزم منه حجّيّة الإجماع الّذي هو مدعاه. فتأمّل.
وفي الكافي (٤) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن أبي حمزة ، عن عقيل الخزاعيّ : أنّ أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ كان إذا حضر الحرب يوصي المسلمين بكلمات فيقول : تعاهدوا الصّلاة إلى أن قال ـ عليه السّلام ـ : يقول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَمَنْ ... يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى) من الأمانة (٥) ، فقد خسر من ليس من أهلها وضلّ عمله ، عرضت على السّموات المبنيّة والأرض المهاد والجبال
__________________
(١) نفس المصدر والموضع.
(٢) تفسير القمي ١ / ١٥٢.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٤٣.
(٤) الكافي ٥ / ٣٦ ، ح ١.
(٥) هكذا في جميع النسخ. ويورد في هامش المصدر : ... وقوله «من الأمانة» هكذا في النسخ. والصواب «ثم الأمانة» كما يظهر من النهج [ص ٧٥ ، خطبة ١٩٩]
فان فيه : «ثم أداء الأمانة فقد خاب من ليس من أهلها. أنّها عرضت على السماوات المبنيّة والأرضين المدحوّة والجبال ذات الطول المنصوبة الخ».
ولعل قوله : «من الأمانة» راجع إلى قوله : «والرغبة عما عليه صالحوا عباد الله» فهو أصوب.