وقيل (١) : جاء شيخ إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقال : إنّي شيخ منهمك في المعاصي إلّا أنّي لم أشرك بالله شيئا منذ عرفته وآمنت به ، ولم أتّخذ من دونه وليّا ، ولم أوقع المعاصي جرأة ، وما توهّمت طرفة عين أنّي أعجز الله هربا ، وإنّي لنادم تائب.
فما ترى حالي؟ فنزلت.
(وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) (١١٦) : عن الحقّ. فإنّ الشّرك أعظم أنواع الضّلالة ، وأبعدها عن الصّواب والاستقامة. وإنّما ذكر في الآية الأولى «فقد افترى» لأنّها متّصلة بقصّة أهل الكتاب ، ومنشأ شركهم نوع افتراء ، وهو دعوى التّبنّي على الله ـ تعالى ـ.
[وفي شرح الآيات الباهرة (٢) ، روى بحذف الإسناد مرفوعا عن مولانا عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين ، عن أبيه أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ قال : المؤمن على أيّ حال مات وفي أيّ ساعة قبض فهو شهيد. ولقد سمعت حبيبي رسول الله يقول : لو أنّ المؤمن خرج من الدّنيا وعليه مثل ذنوب أهل الأرض لكان الموت كفّارة لتلك الذّنوب. ثمّ قال ـ عليه السّلام ـ : من قال : لا إله إلّا الله بالإخلاص فهو بريء من الشّرك ، ومن خرج من الدّنيا لا يشرك بالله شيئا دخل الجنّة. ثمّ تلا هذه الآية : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) وهم شيعتك ومحبّوك يا عليّ.
فقلت : يا رسول الله ، هذا لشيعتي؟ قال : إي وربّي لشيعتك ومحبّيك خاصّة.
وإنّهم ليخرجون من قبورهم وهم يقولون : لا إله إلّا الله ومحمّد رسول الله وعليّ وليّ الله.
فيؤتون بحلل خضر من الجنّة وأكاليل من الجنّة وتيجان من الجنّة. فيلبس كلّ واحد منهم حلّة خضراء وتاج الملك وإكليل الكرامة. ثمّ يركبون النّجائب فيطير بهم إلى الجنّة (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ).
وفي هذا المعنى ما ذكره الشّيخ في أماليه (٣) ، بإسناده عن محمّد بن عطيّة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : الموت كفّارة لذنوب المؤمنين] (٤).
(إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) ، يعني : اللّات والعزّى ومناة الثّالثة الأخرى
__________________
(١) الكشاف ١ / ٥٦٥ وأنوار التنزيل ١ / ٢٤٤.
(٢) تأويل الآيات الباهرة ، مخطوط ، ص ٥٢.
(٣) نفس المصدر والموضع.
(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.