فقال : ربّها أحقّ بها منّي ، فمن أنت؟
قال : أنا ملك الموت.
ففزع إبراهيم ـ عليه السّلام ـ وقال : جئتني لتسلبني روحي؟
قال : لا ، ولكن اتّخذ الله عبدا خليلا ، فجئت لبشارته.
قال : فمن هو لعلّي أخدمه حتّى أموت؟
قال : أنت هو. فدخل على سارة فقال لها : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ اتّخذني خليلا.
وفي كتاب الاحتجاج (١) ، للطّبرسي ـ رحمه الله ـ في حديث طويل للنّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : قولنا : «إنّ إبراهيم خليل الله» فإنّما هو مشتقّ من الخلّة. والخلّة إنّما معناها : الفقر والفاقة. فقد كان خليلا إلى ربّه فقيرا ، وإليه منقطعا ، وعن غيره متعفّفا معرضا مستغنيا. وذلك أنّه لمّا أريد قذفه في النّار فرمي به في المنجنيق ، فبعث الله إلى جبرئيل ، فقال له : أدرك عبدي. فجاءه فلقيه في الهواء ، فقال : كلّفني ما بدا لك ، فقد بعثني الله لنصرتك.
فقال : بل حسبي الله ونعم الوكيل ، إنّي لا أسأل غيره ولا حاجة لي إلّا إليه.
فسمّاه خليله ، أي : فقيره ومحتاجه والمنقطع إليه عمّا سواه.
قال : فإذا جعل معنى ذلك من الخلّة. وهو أنّه قد تخلّل معانيه ووقف على أسرار لم يقف عليها غيره كان معناه : العالم به وبأموره. ولا يوجب ذلك تشبيه الله بخلقه. ألا ترون أنّه إذا لم ينقطع إليه لم يكن خليله ، وإذا لم يعلم بأسراره لم يكن خليله؟
وفي عيون الأخبار (٢) ، في باب ما جاء عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ من العلل ، بإسناده إلى الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال : سمعت أبي يحدّث ، عن أبيه ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : إنّما اتّخذ الله إبراهيم خليلا ، لأنّه لم يردّ أحدا ولم يسأل أحدا قطّ غير الله.
وفي كتاب علل الشّرائع (٣) ، بإسناده إلى ابن أبي عمير عمّن ذكره قال : قلت
__________________
(١) الاحتجاج ١ / ١٩.
(٢) عيون أخبار الرضا ـ عليه السّلام ـ ٢ / ٧٥ ، ح ٤.
(٣) علل الشرائع ١ / ٣٤ ، ح ١.