في كتاب الله الصّبيّ ، لقول الله ـ عزّ وجلّ ـ : ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وهو صبي وقال إنني من المسلمين والله الكفر بنا أولى ممّا نحن فيه. فساروا فقالوا لهما وخوّفوهما بأهل مكّة ، فعرضوا لهما وخوّفوهما وغلّظوا عليهما الأمر.
فقال عليّ ـ عليه السّلام ـ : حسبنا الله ونعم الوكيل. ومضى. فلمّا دخلا مكّة أخبر الله نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ بقولهم لعليّ وبقول عليّ لهم. فأنزل الله بأسمائهم في كتابه. وذلك قول الله (١) : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) إلى قوله : (وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ). وإنّما نزلت «ألم تر» إلى فلان وفلان لقوا عليّا وعمّارا فقالا : إنّ أبا سفيان وعبد الله بن عامر وأهل مكّة قد جمعوا لكم فاخشوهم. فقالوا : (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) ..
وهما اللّذان قال الله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا) إلى آخر الآية ، فهذا أوّل كفرهم. والكفر الثّاني ، قول النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : يطلع عليكم من هذا الشّعب رجل فيطلع عليكم بوجهه فمثله عند الله كمثل عيسى. لم يبق منهم أحد إلّا تمنّى أن يكون بعض أهله. فإذا بعليّ قد خرج وطلع بوجهه ، قال : هو هذا. فخرجوا غضبانا وقالوا : ما بقي إلّا أن يجعله نبيّا. والله الرّجوع إلى آلهتنا خير ممّا نسمع منه في ابن عمّه وليصدّنا على أنّه دام هذا. فأنزل الله (٢) : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) إلى آخر الآية. فهذا الكفر الثّاني.
وزادوا الكفر حين قال الله (٣) : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ). فقال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : يا عليّ ، أصبحت وأمسيت خير البريّة.
فقال له ناس : هو خير من نوح وإبراهيم ومن الأنبياء؟ فأنزل الله (٤) : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ) ـ إلى ـ (سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
قالوا : فهو خير منك يا محمّد؟
قال : قال الله (٥) : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً). ولكنّه خير
__________________
(١) / ١٧٣.
(٢) الزخرف / ٥٧.
(٣) البيّنة / ٧.
(٤) / ٣٣.
(٥) الأعراف / ١٥٨.