عليكم؟
و «الاستحواذ» ، الاستيلاء. وكان القياس ، استحاذ يستحيذ استحاذة.
فجاءت على الأصل.
(وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) : بأن خذلناهم عنكم بتخييل ما ضعفت به قلوبهم ، وتوانينا في مظاهرتهم ، فأشركونا فيما أصبتم. سمّى ظفر المسلمين «فتحا» وظفر الكافرين «نصيبا» لخسّة نصيبهم. فإنّه مقصور على أمر دنيويّ سريع الزّوال.
(فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) : يفصل بينكم بالحقّ.
(وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (١٤١) : بالحجّة ، وإن جاز أن يغلبوهم بالقوّة.
وفي عيون الأخبار (١) : حدّثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي ـ رضي الله عنه ـ قال : حدّثني أبي قال : حدّثني أحمد بن عليّ الأنصاريّ ، عن أبي الصّلت الهرويّ قال : قلت للرّضا ـ عليه السّلام ـ : يا بن رسول الله ، إنّ في سواد الكوفة قوما يزعمون أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لم يقع عليه السّهو في صلاته.
فقال : كذبوا ـ لعنهم الله ـ إنّ الّذي لا يسهو هو الله لا إله إلّا هو.
قال : قلت : يا بن رسول الله ، وفيهم قوم يزعمون أنّ الحسين بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ لم يقتل ، وأنّه ألقى شبهه على حنظلة بن أسعد الشّاميّ ، وأنّه رفع إلى السّماء كما رفع عيسى بن مريم ـ عليهما السّلام ـ ويحتجّون بهذه الآية (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً).
فقال : كذبوا ـ عليهم غضب الله ولعنته ـ وكفروا بتكذيبهم لنبيّ الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في أخباره بأنّ الحسين ـ عليه السّلام ـ سيقتل. والله لقد قتل الحسين وقتل من كان خيرا من الحسين أمير المؤمنين والحسن بن عليّ ـ عليهم السّلام ـ وما منّا إلّا مقتول ، وإنّي والله لمقتول بالسّمّ باغتيال من يغتالني ، أعرف ذلك بعهد معهود إليّ من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أخبره به جبرئيل عن ربّ العالمين ـ عزّ وجلّ ـ.
فأمّا قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) فإنّه يقول : لن يجعل الله لهم على أنبيائه ـ عليهم السّلام ـ سبيلا من طريق الحجّة.
__________________
(١) عيون أخبار الرضا ـ عليه السّلام ـ ٢ / ٢٠٣ ، ح ٥.