قال : فقرأتها إلى أن وصلت إلى قوله رماه الزمان بأحداثه آلمني قلبي لقوله بأحداثه ، فقلت : يا مولانا أعوذ بالله من أحداث الزمان ، ولقد اشتهى المملوك أن يغير هذه اللفظة فمد القلم وكتب : رماه الزمان بريب المنون ، فتطيرت بها وانصرفت. ثم قال : كان صلاح الدين يقول : ما أخذنا حلب رخيصة بقتل تاج الملوك بوري. وبوري اسم تركي معناه بالعربية ذئب وهو أصغر أولاد أيوب ، وله ديوان شعر ، ومن نظمه في مملوك له وقد أقبل من جهة المغرب على فرس أشهب :
أقبل من أعشقه راكبا |
|
من جانب الغرب على أشهب |
فقلت : سبحانك يا ذا العلا |
|
أشرقت الشمس من المغرب |
وله :
يا حياتي حين يرضى |
|
ومماتي حين يسخط |
آه من ورد على |
|
خديك بالمسك منقط |
بين أجفانك سلطان |
|
على ضعفي مسلط |
قد تصبرت وإن برح |
|
بي الشوق وأفرط |
فلعل الدهر يوما |
|
بتلاق منك يغلط |
وله :
أيا حامل الرمح الشبيه بقده |
|
ويا شاهرا من لحظه مرهفا عضبا |
ضع الرمح واغمد ما سللت فربما |
|
قتلت وما حاولت طعنا ولا ضربا |
قال في الروضتين : ولما انقضت تعزية السلطان بأخيه خلع على الناس في اليوم الرابع وفرق في وجوه الحلبيين الأموال. وفي سادس عشري صفر ورد أصحاب عماد الدين وأحضروا العلائم بتسليم سنجار ونصيبين والخابور ، ففي ذلك اليوم تسلم قلعة حلب وأنزل منها الأمير طمان وأصحابه. ولما سلمها إلى نواب السلطان ركب عماد الدين في وجوه أصحابه وأمرائه وخرج إلى خدمة السلطان ظاهرا ، وركب السلطان إلى لقائه فاجتمعا عند مشهد الدعاء الذي بظاهر حلب من جهة الشمال ، فتسالما ولم يترجل أحد منهما لصاحبه ، ثم جاء بعد عماد الدين ولده قطب الدين فترجل للسلطان وترجل السلطان له واعتنقه ، وعادا فركبا وسار هو وأبوه في خدمة السلطان إلى المخيم بالميدان الأخضر ، فأجلس السلطان عماد الدين معه على الطراحة وقدم له تقدمة عشرين بقجة صفر فيها