إن كان آل فرنج أدركوا فلجا |
|
في يوم يغرا ونالوا منية الظفر |
ففي الخطيم خطمت الكفر منصلتا |
|
أبا المظفر بالصمصامة الذكر |
نالوا بيغرا نهابا وانتهبت لنا |
|
على الخطيم نفوس المعشر البتر |
واستقودوا الخيل عريا واستقدت لنا |
|
قوامص الكفر في ذل وفي صغر |
وقال ابن الأثير : سار نور الدين إلى حصن حارم وهو للفرنج فحصره وخرب ربضه ونهب سواده ، ثم رحل عنه إلى حصن إنّب فحصره فاجتمعت الفرنج مع البرنس صاحب أنطاكية وساروا إليه ليرحلوه عن إنّب فلم يرحل بل لقيهم ، وتصاف الفريقان واقتتلوا وصبروا وظهر من نور الدين من الشجاعة والصبر في الحرب على حداثة سنه ما تعجب منه الناس. وانجلت الحرب عن هزيمة الفرنج وقتل المسلمون منهم خلقا كثيرا ، وفيمن قتل البرنس صاحب أنطاكية وكان من عتاة الفرنج وذوي التقدم فيهم والملك. ولما قتل البرنس خلف ابنا صغيرا وهو بيمند فبقي مع أمه بأنطاكية فتزوجت أمه ببرنس آخر وأقام معها بأنطاكية يدبر الجيش ويقودهم ويقاتل بهم إلى أن يكبر بيمند.
ثم إن نور الدين غزا بلد الفرنج غزوة أخرى وهزمهم وقتل فيهم وأسر ، وكان في الأسرى البرنس الثاني زوج أم بيمند ، فلما أسره تملك بيمند أنطاكية بلد أبيه وتمكن منه ، وبقي بها إلى أن أسره نور الدين بحارم سنة تسع وخمسين وخمسمائة على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
وأكثر الشعراء مدح نور الدين وتهنئته بهذا الفتح وقتل البرنس ، فممن قال فيه القيسراني الشاعر من قصيدة أنشده إياها بجسر الحديد الفاصل بين عمل حلب وعمل أنطاكية أولها :
هذي العزائم لا ما تدعي القضب |
|
وذي المكارم لا ما قالت الكتب |
وهذه الهمم اللاتي متى خطبت |
|
تعثرت خلفها الأشعار والخطب |
صافحت يا بن عماد الدين ذروتها |
|
براحة للمساعي دونها تعب |
ما زال جدك يبني كل شاهقة |
|
حتى ابتنى قبة أوتادها الشهب |
لله عزمك ما أمضى وهمك ما |
|
أقضى اتساعا بما ضاقت به الحقب |
يا ساهد الطرف والأجفان هاجعة |
|
وثابت القلب والأحشاء تضطرب |
أغرت سيوفك بالإفرنج راجفة |
|
فؤاد رومية الكبرى لها يجب |
ضربت كبشهم منا بقاصمة |
|
أودى بها الصلب وانحطت بها الصلب |