ألف دينار صورية ، ثم رحل الملك الظاهر إلى دمشق وبها الملك المعظم بن الملك العادل فنازلها الملك الظاهر هو وأخوه الملك الأفضل وانضم إليهما فارس الدين ميمون القصري صاحب نابلس ومن وافقه من الأمراء الصلاحية ، واستقرت القاعدة بين الأخوين الأفضل والظاهر أنهما متى ملكا دمشق يتسلمها الملك الأفضل ثم يسيران ويأخذان مصر من الملك العادل ويتسلمها الملك الأفضل ، وتسلم دمشق حينئذ إلى الملك الظاهر صاحب حلب بحيث تبقى مصر للملك الأفضل ويصير الشام جميعه للملك الظاهر. وكان قد تخلف من أكابر الأمراء الصلاحية عنهما فخر الدين جهاركس وزين الدين قراجة ، فأرسل الملك الأفضل وسلم صرخد إلى زين الدين قراجة ، ونقل الملك الأفضل والدته وأهله إلى حمص عند شيركوه ، وبلغ الملك العادل حصار الأخوين دمشق فخرج بعساكر مصر وأقام بنابلس ولم يجسر على قتالهما ، واشتدت مضايقة الملكين الأفضل والظاهر لدمشق وتعلق النقّابون بسورها ، فلما شاهد الملك الظاهر ذلك حسد أخاه الملك الأفضل على دمشق وقال له : أريد أن تسلم إلي دمشق الآن ، فقال له الأفضل : إن حريمي حريمك وهم على الأرض وليس لنا موضع نقيم فيه ، وهب هذه البلدة لك فاجعله لي إلى حين تملك مصر وتأخذه ، فامتنع الظاهر من قبول ذلك ، وكان قتال العسكر والأمراء الصلاحية إنما كان لأجل الأفضل فقال لهم الأفضل : إن كان قتالكم لأجلي فاتركوا القتال وصالحوا الملك العادل ، وإن كان قتالكم لأجل أخي الملك الظاهر فأنتم وإياه ، فقالوا : إنما قتالنا لأجلك ، وتخلوا عن القتال.
(قال ابن الأثير) : وكان الناس كلهم يريدون الأفضل فقالوا : ما نريد سواك والعادل أحب إلينا من أخيك ، فأذن لهم في العود فهرب فخر الدين جهاركس وزين الدين قراجا الذي أعطاه الأفضل صرخد ، فمنهم من دخل دمشق ومنهم من عاد إلى إقطاعه ، فلما انفسخ الأمر عليهم عادوا إلى تجديد الصلح مع العادل فترددت الرسل بينهم واستقر الصلح على أن يكون للظاهر منبج وأفامية وكفر طاب وقرى معينة من المعرة ، ويكون للأفضل سميساط وسروج ورأس العين وحملين ، ورحلوا عن دمشق أول المحرم سنة ثمان وتسعين.
سنة ٥٩٨
قال أبو الفداء : في هذه السنة بعد رحيل الملك الأفضل والظاهر عن دمشق كما ذكرنا ، قدم إليها الملك العادل ، وكان قد سار ميمون القصري مع الملك الظاهر فأقطعه أعزاز ، وفيها خرب الملك الظاهر قلعة منبج خوفا من انتزاعها منه ، وأقطع منبج بعد ذلك