جلس يوما لعرض العسكر وديوان الجيش بين يديه ، وكان كلما حضر أحد من الأجناد سأله الديوان عن اسمه لينزلوه ، حتى حضر واحد فسألوه عن اسمه فقبل الأرض فلم يفطن أحد من أرباب الديوان لما أراد ، فعاودوا سؤاله فقال الملك الظاهر : اسمه غازي ، وتأدب الجندي أن يذكر اسمه لما كان موافقا لاسم السلطان وعرف هو مقصوده ، وله من هذا الجنس شيء كثير لا حاجة إلى التطويل فيه.
وفي الزبد والضرب : لما مات الظاهر كتم خبر موته حتى دفن في الحجرة التي جنب داره الكبيرة التي أنشأها بالقلعة ، وكان له في كل دار بحلب مأتم وعزاء.
والناس مأتمهم عليه واحد |
|
في كل دار أنّه وزفير |
قال ابن خلكان : ورثاه شاعره الشرف راجح بن إسماعيل بن أبي القاسم الأسدي الحلي وكنيته أبو الوفاء بهذه القصيدة ومدح ولديه السلطان الملك العزيز محمدا وأخاه الملك الصالح صاحب عين تاب وما قصر فيها ، وهي :
سل الخطب إن أصغى إلى من يخاطبه |
|
بمن علقت أنيابه ومخالبه |
نشدتك عاتبه على نائباته |
|
وإن كان ينأى السمع عمن يعاتبه |
لي الله كم أرمي بطرفي ضلالة |
|
إلى أفق مجد قد تهاوت كواكبه |
فمالي أرى الشهباء قد حال صبحها |
|
علي دجى لا تستنير غياهبه |
أحقا حمى الغازي الغياث بن يوسف |
|
أبيح وعادت خائبات مواكبه |
نعم كورت شمس المدائح وانطوت |
|
سماء العلا والنجح ضاقت مذاهبه |
فمن مخبري عن ذلك الطود هل وهت |
|
قواعده أم لان للخطب جانبه |
أجل ضعضعت بعد الثبات وزعزعت |
|
بريح المنايا العاصفات مناكبه |
وغيض ذاك البحر من بعد ما طمت |
|
وطمّت لغيبان البلاد غواربه |
فشلت يمين الخطب أي مهند |
|
برغم العلا سلت وفلت مضاربه |
لئن حبس الغيث الغياثي قطره |
|
فقد سحبت في كل قطر سحائبه |
فأنّى يلذ العيش بعد ابن يوسف |
|
أخو أمل أكدت عليه مطالبه |
فلا أدركت نيل العلا طالباته |
|
ولا بركت في أرض يمن ركائبه |
ولا انتجعت إلا بعيش حقيبة |
|
من الجدب لا تثني عليه حقائبه |
مضى من أقام الناس في ظل عدله |
|
وآمن من خطب تدب عقاربه |