مشتملة على مسجد لله تعالى ومشيّد فيه مدفن السلطان الملك الظاهر قدّس الله روحه ليناله ثواب قراءة العلم ودراسته وبركة القرآن وتلاوته ، فجزاه الله أفضل الأجر عليه ، وشرط فيها أثابه الله تعالى أن يكون المدرس بها شافعي المذهب والإمام للصلاة في مسجدها شافعي المذهب ، وكذا المؤذن ، غفر الله لهم أجمعين سنة ستماية وعشرين.
حالتها الحاضرة :
لم يزل باب المدرسة قائما على حاله وعليه الكتابة المتقدمة ، وفوق الباب منارة صغيرة طولها نحو أربعة أذرع ، والدرج الذي يصعد به إليها خرب وموقف المؤذن كذلك ، وعن يمين الباب ويساره خمس حجر صغيرة بعضها جدد في أوائل هذا القرن ، ورممت جميعها منذ ثلاث سنوات ، يسكنها الآن بعض فقراء المغاربة.
وكان عن يمين المدرسة ويسارها حجر للطلبة علوية وسفلية أدركناها وهي مشرفة على الخراب ، والآن قد خربت بالكلية ، والحائط الشرقي خرب بتاتا وصار الناس يدخلون إلى المدرسة منه ، ومنذ سنتين صار بعض أهل الطريقة الرشيدية يقيمون الذكر في قبلية المدرسة ، فجمعوا من بعضهم ومن بعض أهل الخير نحو ثلاثين ألفا أقاموا فيه هذا الحائط من أنقاض المدرسة وأصلحوا الدرج الذي ينزل منه إلى باب المدرسة ، لأنه أصبح منخفضا لتعلية الأرض التي حول المدرسة.
وكان في وسط المدرسة حوض مركب من ثمانية أحجار بديع الشكل وقد خرب ، وبعض أحجاره لم تزل ملقاة في أرض المدرسة. وأما القبلية فقد كان جدارها المشرف على صحن المدرسة أصابه الوهن فاهتم جميل باشا منذ أربعين سنة في إصلاحه.
ومحراب المدرسة بديع جدا ، وهو مؤلف من ثلاث عشرة حجرة من الرخام الملون ، وفي طرفي المحراب عمودان من الرخام الأزرق ، ويعلو المحراب أحجار ملونة مشتبكة ببعضها على أجمل وضع قد استفرغت فيه الصنعة جهدها ، ولسان حال هذا المحراب ناطق بما وصل إليه فن العمارة في ذلك العصر من الإتقان ، وهذا المحراب لم يزل على حاله كأن بانيه قد فرغ منه الآن ، وهو من أهم الآثار العربية القديمة في حلب.
وعن يمين القبلية حجرة واسعة لعلها كانت موضع إلقاء الدروس ، وعن يسارها حجرة واسعة أيضا ، وهناك في وسطها أربعة قبور يتلو بعضها بعضا اثنان يعلوان عن