حديثة كتبت سنة ١٢٨٦ خلاصتها أنه جدد هذا المكان بإشارة الإلهام الشيخ الهمام مربي المريدين الشيخ محمد بن أحمد المكي القرشي من خلفاء محمد جان النقشبندي.
والذي تحقق عندي أن هذا الرجل من أهالي مرعش كان حضر إلى حلب قبل التاريخ المتقدم بقليل وتوجه منها إلى مكة وبقي فيها مدة وجيزة ، ثم عاد إلى حلب وهو على زي أهل مكة من العمامة والجبة وادعى أنه مكي قرشي.
وكان في الخانقاه في جهاتها الثلاث الشرقية والغربية والشمالية حجر صغيرة ويسكن هناك رجل مصري كفيف حافظ لكتاب الله تعالى فسعى في إخراجه وسكن هو وكتب ما كتب على باب الخانقاه وصار يقيم الذكر في قبلية المدرسة ، وصار بعض موظفي الأتراك يترددون إليه ويعتقدون عليه ويبرونه ، وكان باب القبلية متوهنا فسعى في تجديده في سنة ١٣٠٢ وكتب على جداره : هذا المقام للسيد علي جواد ابن سيدنا الإمام الباقر رضياللهعنه. وقد اتخذ هذه الكتابة وسيلة لجر مغنم إليه خصوصا من النساء ، وهذا محض افتراء منه لأن الضريح الذي في إيوان القبلية هو ضريح الواقف رحمهالله كما تقدم لك نقله عن الصلاح الصفدي وابن خلكان. ثم إنه لم يقف عند هذا الحد بل خرب الحجر الصغيرة التي في الخانقاه وبنى موضعها بيتين وصارت الخانقاه على هيئة دار وطيّن باب الخانقاه لتخفى الكتابة التي كتبها على الباب ، وادعى حينئذ أن الدار له وحاول تسجيلها في الحكومة على أنها ملكه ، فعندئذ قام أهل المحلة ورفعوا الأمر للمحكمة الشرعية ، وأخيرا أزيلت يده وأخرج من المكان.
ومنذ عشرين سنة وضعت دائرة المعارف يدها على المدرسة والخانقاه ورفعت الجدار الذي كان بينهما ، ولم يزل أثره باقيا إلى الآن وصار المكانان مكانا واحدا ، وبنت فيه تحت وفوق غرفا للطلبة واتخذته مدرسة ابتدائية تسمى الآن مدرسة النجاة ، والباقي في المدرسة من الحجر القديمة التي كانت للطلاب هي الحجر الثلاث الشرقية كما يظهر لك بالتأمل قليلا.
والقبلية محتاجة إلى الترميم جدا ، يتوالى نزول الأتربة من سقفها ، وسألت عن سبب بقائها مشعثة فعلمت أن دائرة الأوقاف مهملة لشأنها لوضع دائرة المعارف يدها على المكان جميعه واتخاذه مدرسة. وتقول دائرة المعارف إن أمر القبلية يرجع إلى دائرة الأوقاف. وهكذا ضاع هذا المكان بين هاتين الدائرتين ولله الأمر. والباقي لهذا المكان من الأوقاف أراض عشرية يبلغ ريعها ثلاثين ليرة عثمانية ذهبا وقد فقد الكثير من أوقافها.