السلطنة بالشام وأقام قبجق ببعض العسكر بحمص ، وسارت العساكر إلى حلب وسار الملك المظفر محمود صاحب حماة بعسكره ، ووصل المذكورون إلى حلب يوم الاثنين الثالث والعشرين من جمادى الآخرة وسابع نيسان ، ثم ساروا إلى بلاد سيس فعبر صاحب حماة والدواداري ومن معهما من العساكر من دربندمري وعبر باقي العساكر من جهة بغراس من باب إسكندرونة واجتمعوا على نهر جيحان وشنوا الغارات على بلاد سيس في العشر الأوسط من شهر رجب ، وكسبوا وغنموا وعادوا فخرجوا من دربند بغراس إلى مرج أنطاكية في الحادي والعشرين من رجب من هذه السنة الموافق لرابع أيار ، وسار صاحب حماة الملك المظفر إلى جهة حماة حتى وصل إلى جهة قصطون فورد مرسوم لاجين بعود العساكر واجتماعهم بحلب ودخولهم إلى بلاد سيس ثانيا ، وهذه الغزاة من الغزوات التي حضرتها وشاهدتها من أولها إلى آخرها ، فعدنا إلى حلب ووصلنا إليها في يوم الأحد الثامن والعشرين من رجب وأقمنا ، ثم رحلنا من حلب ثالث رمضان من هذه السنة الموافق للعشرين من حزيران وأقام على حموص ١ بدر الدين بكتاش أمير سلاح والملك المظفر صاحب حماة ومن انضم إليهما من عسكر دمشق مثل ركن الدين بيبرس العجمي المعروف بالجالق ومضافيه من عسكر دمشق وحاصرنا حموص وضايقناها ، وأما باقي العسكر فإنهم نزلوا أسفل من حموص في الوطاة ، واستمر الحال على ذلك وقل الماء في حموص واشتد بهم العطش ، وكان قد اجتمع فيها من الأرمن عالم عظيم ليعتصموا بها وكذلك اجتمع فيها من الدواب شيء كثير فهلك غالبهم في العطش.
ولما اشتد بهم الحال وهلكت النساء والأطفال أخرج أهل حموص في الخامس والعشرين من رمضان وهو سابع عشر يوما من نزولنا عليها من نسائهم نحو ألف ومائتين من النساء والصبيان فتقاسمهم العسكر وغنموهم ، فكان قسمي جاريتين ومملوكا ، وأصابنا ونحن نازلون على حموص في العشر الأوسط من شهر تموز ضباب قوي ومطر ، وحصل للملك المظفر وهو نازل على حموص قليل مرض ولم يكن صحبته طبيبه فاقتصر على ما كنت أصفه له وأعالجه به فشفاه الله تعالى وعاد إلى العافية وأنعم علي وأحسن إلي على جاري عادته ، وكانت خيمته المنصوبة على حموص خيمة ظاهرها أحمر قد عملها من أكسية مغربية وداخلها منقوش بالخام الرفيع المصبغ ، وكانت الأمراء الذين لم ينازلوا حمص وهم مقيمون في الوطاة إذا
__________________
١ ـ هي من قلاع بلاد الأرمن.