منقذ : في سنة ثمان وستين وأربعمائة بدأ جدي سديد الملك أبو الحسن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني بعمارة حصن الجسر وحصر به حصن شيزر. أقول [القائل أبو الفدا] : ويعرف الجسر المذكور في زماننا بجسر ابن منقذ ، وموضع الحصن اليوم تل خال من العمارة ، وهو غربي شيزر على مسافة قريبة منها. قال ابن الأثير : وحصن شيزر قريب من حماة بينهما نصف نهار وهو على جبل عال منيع لا يسلك إليه إلا من طريق واحدة.
قال أبو الفداء : رجعنا إلى كلام ابن منقذ قال : وكان في شيزر وال للروم اسمه دمتري ، فلما طالت المضايقة لدمتري المذكور راسل جدي هو ومن عنده من الروم في تسليم حصن شيزر إليه باقتراحات اقترحوها عليه ، منها مال يدفعه إلى دمتري المذكور ، ومنها إبقاء أملاك الأسقف الذي بها عليه فإنه استمر مقيما تحت يد جدي حتى مات بشيزر ، ومنها أن القنطارية وهم رجالة الروم يسلفهم ديوانهم لثلاث سنين ، فسلم إليهم جدي ما التمسوه وتسلم حصن شيزر يوم الأحد في رجب سنة أربع وسبعين وأربعمائة ، واستمر سديد الملك علي بن منقذ المذكور مالكها إلى أن توفي فيها في سادس المحرم سنة تسع وسبعين وأربعمائة ، وتولى بعده ولده أبو المرهف نصر بن علي ، إلى أن توفي سنة إحدى وتسعين وأربعمائة وتولى بعده أخوه أبو العساكر سلطان بن علي ، إلى أن توفي فيها وتولى ولده محمد بن سلطان إلى أن مات تحت الردم هو وثلاثة أولاده بالزلزلة في هذه السنة المذكورة أعني سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة في يوم الاثنين ثالث رجب اه.
قال في الروضتين : إن الأمير أبا المرهف نصر بن علي بن المقلد بن نصر بن منقذ ابن نصر بن هشام لما حضره الموت استخلف أخاه الأمير أبا سلامة مرشد بن علي وهو والد أسامة فقال : والله لا وليتها ، ولأخرجن من الدنيا كما دخلتها. وكان عالما بالقرآن والأدب كثير الصلاح ، فولاها أخاه أبا العساكر سلطان بن علي وكان أصغر منه ، فاصطحبا أجمل صحبة مدة من الزمان ، فولد أبو سلامة مرشد عدة أولاد ذكور فكبروا وسادوا ، منهم عز الدولة أبو الحسن علي ومؤيد الدولة أسامة بن مرشد وغيرهما ، ولم يولد لأخيه سلطان ولد ذكر ، إلى أن كبر فجاءه أولاد فحسد أخاه على ذلك فكان كلما رأى صغر أولاده وكبر أولاد أخيه وسيادتهم ساءه ذلك وخافهم على أولاده. وسعى المفسدون بينهما فغيروا كلا منهما على أخيه فكتب الأمير سلطان إلى أخيه شعرا يعاتبه على أشياء بلغته عنه ، فأجابه بأبيات جيدة في معناها وكلهم كان أديبا شاعرا ، فمنها :