الصابون في أخذ هذه الميضاة بدعوى أنها عرصة خالية لا ينتفع منها على أن يدفع لجهة الجامع حكرا قدره عشرة قروش مسانهة ليحفر موضعها دولابا للجنينة التابعة لدوره التي أنشأها أمام الجامع ، وقد اطلعت على حجة التحكير وهي محررة سنة ١٢٦٤ ، وقد أدخلت تلك الميضاة في الدار التي فيها الجنينة وعمر بدلها ميضاة أخرى داخل الجامع في غربيه داخل باب آخر للجامع قد سد بواسطة هذه الميضاة وبما عمر وراءه من الدور ، ومكتوب على هذا الباب مثل الكتابة التي تقدمت إلا أنه طيّن فوقها الآن.
وكان جدار القبلية الشمالي قد توهن فجدده هذا الرجل ، ومع هذا كله فإنه على إثر ذلك أخذت ثروته في التناقص وافتقر واضمحل أمره ودخل الشؤم في دوره حتى بيعت مرات بأبخس الأثمان وصارت تنتقل من شخص إلى آخر ، وكل من اشتراها لا يفلح وتنتابه المصائب إما في نفسه أو في ماله أو في أهله. واشتهر بين جميع الناس شؤم هذه الدور لأخذه هذه الميضاة وإدخالها في ملكه.
والدار الكبيرة هي في منتهى الزخرفة ، وكان الصابوني أحضر لها صناعا من الشام لدهن سقوف بيوتها وطليها بالذهب وصرف على ذلك مبالغ طائلة. وعلى سعتها وما فيها من النقوش بيعت منذ عشر سنوات بخمسة وثلاثين ألفا قروشا رائجة ، ولو لا ما اشتهرت من الشؤم لبيعت بألفي ليرة عثمانية.
وليس لهذا الجامع الآن شيء من الأوقاف ، ومنذ سنتين عينت دائرة الأوقاف له إماما وخادما ومؤذنا. وفي سنة ١٣٢٠ حضر إلى حلب الشيخ رجب وهو رجل من الأتراك من أهالي طربزون منسوب إلى أهل الطريق فنزل عند تاجر يقال له باكير كامل أصله من أورفة ، ثم عمر له حجرة واسعة في شمالي هذا الجامع في داخلها مخدع ، فسكن فيها وصار يقيم الذكر في القبلية وصار له بعض المريدين ، وتوطن حلب ، وهو رجل ساكن مبارك ومن الأحياء إلى يومنا هذا ، وبوجود هذا الرجل أصبح الجامع معمورا بالمصلين من أهل المحلة.
والرواقان على ارتفاعهما وضخامة بنائهما آخذان في الخراب ، وإذا بقي أمرهما مهملا على هذه الحالة سيخربان بتاتا ، ولو اهتمت دائرة الأوقاف أو دائرة المعارف وابتنت موضعهما مكتبا ابتدائيا ينتفع به أهل المحلة وغيرهم لأحسنت الصنع وازداد هذا الجامع عمرانا والله من وراء القصد.
وفي أرض الرواق الغربي جرن كبير قطعة واحدة كتب على طرفه [أنشأ هذه الحنفية المباركة الفقير إلى الله الحاج عبد الله بن الحاج يحيى وأوقف عليه الدكان الذي في جانب