وأوعز السلطان إلى أمراء الشام أن يخرجوا بالعساكر وينفوه إلى أطراف البلاد لحمايتها حتى يرفع الناس زروعهم.
ثم زحف نعير ومنطاش في العساكر أول جمادى الآخرة من السنة إلى سلمية فلقيهم نائب حلب ونائب حماة فهزموهما ونهبوا حماة ، وخالفهم نائب حلب إلى أحياء نعير فأغار عليها ونهب سوادها وأموالها واستاق نعمها ومواشيها وأضرم النار فيما بقي وأكمن لهم ينتظر رجوعهم ، وبلغهم الخبر بحماة فأسرعوا الكر إلى أحيائهم فخرج عليهم الكمناء وأثخنوا فيهم وهلك بين الفريقين خلق من العرب والأمراء والمماليك. ثم وفد على السلطان أواخر شعبان عامر بن طاهر بن جبار طائعا للسلطان ومنابذا لعمه وذكوان بن نعير على طاعة السلطان وأنهم يمكنون من منطاش متى طلب منهم ، فأقبل عليه السلطان وأثقل كاهله بالإحسان والمواعيد ودسّ معه إلى بني نعير بإمضاء ذلك ولهم ما يختارونه ، فلما رجع عامر ابن عمهم طاهر بمواعيد السلطان تفاوضوا مع آل مهنا جميعا ورغبوهم فيما عند السلطان وذكروا ما هم فيه من الضنك وسوء العيش بالخلاف والانحراف عن الطاعة ، وعرضوا على نعير أن يجيبهم إلى إحدى الحسنيين من إمساك منطاش أو تخلية سبيلهم إلى طاعة السلطان ويفارقهم إلى حيث شاء من البلاد ، فجزع لذلك ولم يسعه خلافهم وأذن لهم في القبض على منطاش وتسليمه إلى نواب السلطان ، فقبضوا عليه وبعثوا إلى نائب حلب فيمن يتسلمه واستحلفوه على مقاصدهم من السلطان لهم ولأبيهم نعير ، فخلف لهم وبعث إليهم بعض أمرائه فأمكنوه منه وبعثوا معه الفرسان والرجّالة حتى أوصلوه إلى حلب في يوم مشهود وحبس بالقلعة ، وبعث السلطان أميرا من القاهرة فاقتحمه وقتله وحمل رأسه وطاف به في ممالك الشام وجاء به إلى القاهرة حادي عشر رمضان سنة خمس وتسعين فعلقت على باب القلعة ثم طيف بها مصر والقاهرة وعلقت على باب زويلة ، ثم دفعت إلى أهله فدفنوها في آخر رمضان من السنة ، والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين اه.
بيان ما ذكره ابن إياس في هذه السنة من أخبار منطاش إلى أن قتل
قال : في هذه السنة جاءت الأخبار من حلب بأن منطاش ونعيرا توجهوا بمن معهم من العساكر إلى مدينة حماة ، فخرج إليهم نائب حماة فأوقع معهم واقعة قوية ، فانكسر نائب حماة وهرب فدخل منطاش ونعير إلى المدينة ونهبوا أسواقها وأخذوا أموال التجار ، فلما