كتاب تيمرلنك إلى الملك الظاهر برقوق
قال القرماني في تاريخه : في ثالث عشر صفر سنة تسع وتسعين وسبعمائة حضرت رسل تمرلنك وهم أربعة ومعهم كتاب نسخته بعد البسملة الشريفة : قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اعلموا أننا جند الله في أرضه مخلوقون من سخطه ، مسلطون على من يحل عليه غضبه ، لا نرق لشاك ولا نرحم عبرة باك ، قد نزع الله الرحمة من قلوبنا ، فالويل ثم الويل لمن لم يكن من حزبنا ، قد خرّبنا البلاد ويتّمنا الأولاد وأظهرنا في الأرض الفساد ، خيولنا سوابق وسيوفنا صواعق وسهامنا خوارق ، وقلوبنا كالجبال وعددنا كالرمال ، وجارنا لا يضام ، من سالمنا سلم ومن رام حربنا ندم ، فإن أنتم قبلتم شرطنا وأطعتم أمرنا فلكم مالنا وعليكم ما علينا ، وإن أنتم خالفتم وعلى بغيكم تماديتم فلا تلوموا إلا أنفسكم ، وذلك بما كسبت أيديكم ، فالحصون لا تمنع ، والعساكر لا ترد ولا تدفع ، لأنكم أكلتم الحرام وضيعتم الجمع ، فأبشروا بالمذلة والهوان (فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) وتقولون إنه قد صح عندكم أننا كفرة فقد ثبت عندنا أنكم فجرة ، وقد سلطنا عليكم من بيده أمور مدبرة وأحكام مقدرة ، فعزيزكم عندنا ذليل وكثيركم لدينا قليل ، وقد أوضحنا لكم الخطاب فأسرعوا برد الجواب ، قبل أن ينكشف الغطا ويدخل علينا منكم الخطا ، وترمي الحرب نارها وتلقي أوزارها ، وتدهون منا بأعظم داهية ولا يبقى لكم باقية ، وينادي عليكم منادي الفناء (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) الآن قد أنصفناكم إذ راسلناكم ، فردوا رسلنا بجواب هذا الكلام والسلام.
جواب هذا الكتاب من الملك الظاهر برقوق
قال القرماني : فلما سمع السلطان هذا الكتاب اغتاظ غيظا عظيما وأمر بتوسيط الرسل [بقتلهم] فوسطوا وعلقوا وأمر بكتب جواب ، فكتب ذلك بإنشاء ابن فضل الله العمري رحمهالله تعالى ، ونسخته كما في القرماني وتاريخ تيمور لابن عربشاه : [بسم الله الرحمن الرحيم](قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) حصل الوقوف على كتاب مجهز من الحضرة الإيلخانية والسدة العظيمة الكبيرة السلطانية ، قولكم إنكم مخلوقون من سخطه مسلطون على من يحل عليه غضبه ، وإنكم لا ترقون لشاك ولا ترحمون عبرة باك ،