وكان عارفا بالفقه على مذهب أبي حنيفة ليس عنده فيه تعصب ، وسمع الحديث وأسمعه طلبا للأجر. وأما عدله فإنه لم يترك في بلاده على سعتها مكسا ولا عشرا بل أطلقها جميعها في مصر والشام والجزيرة والموصل.
وفي الروضتين وغيره : قال له وزيره موفق الدين خالد بن القيسراني الحلبي : إني رأيت أني أغسل ثيابك ، فأفكر ساعة ثم أمره بإسقاط المكوس وقال له : هذا تفسير منامك ، وكتب إلى البلاد بذلك وأمر الخطباء أن يسألوا الناس أن يحاللوه في المدة الماضية ، وقال لهم : ما أخرجناه إلا في جهاد أعداء الإسلام ، يعتذر إليهم بذلك.
قال في المختار من الكواكب المضية : وفي بعض التواريخ ذكر المكوس التي أزالها وقدرت فأفردت من ذلك حلب ومعاملتها [٩٦] ألف دينار ونيف. وفي الروضتين [٥٠] ألف دينار سرمين [١٣٦٠] دينارا كفر طاب [٢٠٠٠] دينار عزاز [٦٥٠٠] دينار تل باشر [٢١٠٠٠] دينار عينتاب [٩٠٨٠] دينارا الباب وبزاعة [٣٠٠٠] دينار قلعة النجم [٣٠٠٠] دينار قلعة جعبر [٧٦٠٠] دينار الرها [٨٥٠٠] دينار.
وقال في أوائل الروضتين ناقلا من خط الصاحب كمال الدين أبي القاسم عمر بن أحمد بن العديم وسامعا له من لفظه قال : قال لي والدي : دخل في أيام نور الدين إلى حلب تاجر موسر فمات بها وخلف بها ولدا صغيرا ومالا كثيرا ، فكتب بعض من بحلب إلى نور الدين يذكر له أنه قد مات هاهنا رجل موسر وخلف عشرين ألف دينار أو فوقها وله ولد عمره عشر سنين وحسن له أن يرفع المال إلى الخزانة إلى أن يكبر الصغير يرضى منه ويمسك الباقي للخزانة ، فكتب على رقعته : أما الميت فرحمهالله ، وأما الولد فأنشأه الله ، وأما المال فثمره الله ، وأما الساعي فلعنه الله. قال : وبلغتني هذه الحكاية عن غير نور الدين أيضا.
ثم قال ناقلا عنه أيضا : وسمعت صقر بن يحيى بن صقر المعدل يقول : سمعت مقلدا يعني الدولعي يقول : لما مات الحافظ المرادي وكنا جماعة الفقهاء قسمين العرب والأكراد فمنا من مال إلى المذهب ، وأردنا أن نستدعي الشيخ شرف الدين بن أبي عصرون وكان بالموصل ومنا من مال إلى علم النظر والخلاف وأراد أن يستدعي القطب النيسابوري ، وكان قد جاء وزار البيت المقدس ثم عاد إلى بلاد العجم فوقع بيننا كلام بسبب ذلك ووقعت فتنة بين الفقهاء ، فسمع نور الدين بذلك فاستدعى جماعة الفقهاء إلى القلعة