بحلب وخرج إليهم مجد الدين بن الداية عن لسانه وقال لهم : نحن ما أردنا ببناء المدارس إلا نشر العلم ودحض البدع من هذه البلدة وإظهار الدين ، وهذا الذي جرى بينكم لا يحسن ولا يليق. وقد قال المولى نور الدين : نحن نرضي الطائفتين ونستدعي شرف الدين بن أبي عصرون وقطب الدين النيسابوري ، فاستدعاهما جميعا وولى مدرسة ابن أبي عصرون لشرف الدين ومدرسة النفري لقطب الدين.
ثم قال ناقلا عنه أيضا : أخبرنا افتخار الدين عبد المطلب الهاشمي قال : كان عند القاضي تاج الدين عبد الغفور بن لقمان الكردري قاضي حلب غلام قد جعله لمجلس الحكم يدعى سويدا يحضر الخصوم إلى مجلس الحكم ، فحضر بعض التجار وادعى أنه له على نور الدين دعوى ، فقال الكردري لسويد المذكور : امض إلى نور الدين وادعه إلى مجلس الحكم وعرفه أنه حضر شخص يطلب حضوره ، وكان نور الدين في الميدان ، فجاء سويد إلى باب الميدان فخرج إسماعيل الخزندار فوجد سويدا قادما إليه قال : سيرني تاج الدين يعني القاضي وذكر أنه حضر تاجر وذكر أن له دعوى على المولى نور الدين وقد أنفذني تاج الدين وقال لي كذا وكذا ، فضحك إسماعيل الخزندار ودخل على نور الدين ضاحكا وقال له مستهزئا : يقوم المولى ، فقال : إلى أين؟ فقال : حضر سويد غلام تاج الدين الكردري وقال إن تاج الدين أرسله يطلب المولى إلى مجلس الحكم ، فأنكر نور الدين على إسماعيل استهزائه وقال : تستهزىء بطلبي إلى مجلس الحكم ، وقال نور الدين : يحضر فرسي حتى نركب إليه ، السمع والطاعة ، قال الله تعالى : (إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا) ثم نهض وركب حتى دخل باب المدينة فاستدعى سويدا وقال له : امض إلى القاضي تاج الدين وسلم عليه وقل إنني جئت إلى هاهنا امتثالا لأمر الشرع ، وأحتاج في الحضور إلى مجلسه إلى سلوك هذه الأزقة وفيها الأطيان ، وهذا وكيلي يسمع الدعوى وإن توجهت علي يمين أحضر إن شاء الله تعالى ، قال : فحضر الوكيل وسمع الدعوى وتوجهت اليمين فقال الكردري : قد توجهت اليمين فليحضر ، فلما بلغ نور الدين ذلك وعلم أنه لا مندوحة عن حضور مجلسه لليمين استدعى ذلك التاجر وأصلح الأمر فيما بينه وبينه وأرضاه اه.
وقال في المختار من الكواكب المضية : حكي أن نور الدين كان قاعدا بدمشق على طيارة مشرفة على نهر بردى فوصل إليه كتاب من بلد المعرة يذكر أن جماعة من أهل المعرة