تغلبوا على كروم وزيتون وأملاك ذكر أنها ليست لهم واستأذن في قبضها فمن أحضر بينة أو حجة سلم إليه ما كان بيده وإن لم يحضر بقي في ديوان بيت المال ، فأمر بكتب مرسوم بذلك فشرع الكاتب يكتب فسمع منشدا يقول :
اعدلوا ما دام أمركم |
|
نافذا في النفع والضرر |
احفظوا أيام دولتكم |
|
إنكم منها على خطر |
إنما يبقى لكم أبدا |
|
طيب ما يبقى من الخبر |
فقال السلطان نور الدين : (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ) الآية ، ثم أمر بإبطال ذلك الكتاب وجعل يبكي اه.
وقال في الزبد والضرب : عمر بلد حلب في زمان نور الدين لعدله وحسن سيرته حتى ارتفعت الأسعار مع كثرة المغلات لكثرة العالم.
وقال ابن خلكان في تاريخه في ترجمته : كان ملكا عادلا زاهدا عابدا ورعا مستمسكا بالشريعة مائلا إلى أهل الخير مجاهدا في سبيل الله كثير الصدقات ، بنى المدارس بجميع بلاد الشام الكبار مثل دمشق وحلب وحماة وحمص وبعلبك ومنبج والرحبة ، وبنى بمدينة الموصل الجامع النوري ورتب له ما يكفيه ، وبحماة الجامع الذي على نهر العاصي وجامع الرها وجامع منبج وبيمارستان دمشق ودار الحديث بها أيضا ، وله من المناقب والمآثر والمفاخر ما يستغرق الوصف.
وقال ابن الأثير : وأما ما فعله من المصالح فإنه بنى أسوار مدن الشام جميعها وقلاعها ، فمنها دمشق وحمص وحماة وحلب وشيزر وبعلبك وغيرها [ثم قال] : وبنى الخانات في الطرق وبنى الخانكاهات للصوفية في جميع البلاد ووقف على الجميع وقوف الكثرة. سمعت أن حاصل وقفه كل شهر تسعة آلاف دينار صوري ، وكان يكرم العلماء وأهل الدين ويعظهم ويقوم إليهم ويجلسهم معه وينبسط معهم ولا يرد لهم قولا ويكاتبهم بخط يده ، وكان وقورا مهيبا مع تواضعه ، وبالجملة فحسناته كثيرة ومناقبه غزيرة لا يحتملها هذا الكتاب اه.