لا يدخل الوقت قبل مغيب الحمرة المشرقية ، ولذا كانوا يدعون على المصلّي قبله وزعموه من شباب المدينة ، أي من شباب العامة .
ومنها : رواية جارود ، قال ، قال لي أبو عبد الله عليه السلام : « يا جارود ينصحون فلا يقبلون ، وإذا سمعوا بشيء نادوا به ، أو حُدِّثوا بشيء أذاعوه ، قلت لهم : مسّوا بالمغرب قليلاً ، فتركوها حتى اشتبكت النجوم ، فأنا الآن اُصلّيها إذا سقط القرص » (١) .
وذلك لدلالة الأمر بالإِمساء قليلاً على مذهب المشهور ، ولما رأى عليه السلام أنّهم نادوا به وأذاعوه قال : أنا أفعل الآن ، إلى آخره . وهو كالصريح في أنّ فعله عليه السلام ذلك للتقية .
ومنها : كتبت إلى العبد الصالح عليه السلام : يتوارى القرص ويقبل الليل ثم يزيد الليل ارتفاعاً ، وتستر عنا الشمس ، وترتفع فوق الليل حمرة ويؤذّن عندنا المؤذّنون ، أفاُصلّي حينئذ واُفطر إن كنت صائماً ، أو أنتظر حتى تذهب الحمرة التي فوق الليل ؟ فكتب إليّ : « أرى لك أن تنتظر حتى تذهب الحمرة وتأخذ بالحائطة لدينك » (٢) .
وهو صريح في أنّ المؤذّنين يومئذ كانوا يؤذّنون قبل ذهاب الحمرة ، ولا ريب أنّهم كانوا من العامّة .
وهذه الرواية كسابقتها دليل على المختار أيضاً ، وإن استدل بالاُولى وهذه على خلافه ، لفعله عليه السلام في الاُولى ، وتخصيصه لراوي هذه بقوله : « أرى لك . . . » الظاهر في الاستحباب ، وإلّا لعمّم وما عبّر بلفظ الاحتياط .
وقد عرفت ما في فعله عليه السلام ، من كونه للتقية . وتخصيص الراوي
___________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٥٩ / ١٠٣٢ ، الوسائل ٤ : ١٧٧ أبواب المواقيت ب ١٦ ح ١٥ .
(٢) التهذيب ٢ : ٢٥٩ / ١٠٣١ ، الاستبصار ١ : ٢٦٤ / ٩٥٢ بتفاوت يسير فيهما ، الوسائل ٤ : ١٧٦ أبواب المواقيت ب ١٦ ح ١٤ .