لعلّه بل الظاهر أنّه من جهة علمه عليه السلام بعدم ابتلائه بالتقية ، أو بمعرفته سبيل الخلاص عنها ؛ ولفظ الاحتياط ليس نصّاً بل ولا ظاهراً في الاستحباب ، لأنّ ذلك إنّما هو بالاصطلاح المتأخّر بين الأصحاب ، وإلّا فالاحتياط هو الاستظهار والأخذ بالأوثق لغةً ، بل وفي كلمة متقدّمي الأصحاب أيضاً ، كما مضى (١) ، ولا ريب أنّ مثله في أمثال العبادات واجب ، للرجوع إلى حكم الاستصحاب ببقاء شغل الذمة اليقيني الذي لا بد في الخروج عنه من اليقين .
وبالجملة لا ريب في دلالة هذه الأخبار على المختار ، وأنّ خلافه مذهب أولئك الكفرة الفجّار .
وبه يظهر جواب آخر عن تلك الأخبار الدالة على حصول الغروب بمجرد الاستتار ، وهو حملها على التقيّة .
ونحوها الأخبار الظاهرة من غير جهة الإِطلاق ، كالخبر : عن وقت المغرب ، فقال : إذا غاب « كرسيّها » قلت : وما كرسيّها ؟ قال : « قرصها » قلت : ومتى يغيب قرصها ؟ قال : « إذا نظرت إليه فلم تره » (٢) .
ومنها : « إنّا ربما صلّينا ونحن نخاف أن تكون الشمس خلف الجبل ، وقد سترنا منها الجبل ، قال ، فقال : « ليس عليك صعود الجبل » (٣) .
ونحوه آخر : « إنّما تصلّيها إذا لم تر خلف الجبل غارت أو غابت ، ما لم يتجلّلها سحاب أو ظلمة تظلمها ، فإنّما عليك مشرقك ومغربك ، وليس على
___________________
(١) راجع ص ٢٠٣ .
(٢) التهذيب ٢ : ٢٧ / ٧٩ ، علل الشرائع : ٣٥٠ / ٤ ، أمالي الصدوق : ٧٤ / ١٠ ، الوسائل ٤ : ١٨١ أبواب المواقيت ب ١٦ ح ٢٥ .
(٣) الفقيه ١ : ١٤١ / ٦٥٦ ، التهذيب ٢ : ٢٩ / ٨٧ ، ٢٦٤ / ١٠٥٤ ، الاستبصار ١ : ٢٦٦ / ٩٦٢ ، الوسائل ٤ : ١٩٨ أبواب المواقيت ب ٢٠ ح ١ .