خلاف الإِجماع نصّاً وفتوىً بأيّ معنى اعتبر التذكية فيها : بمعنى الطهارة أو قبول الحيوان ذي الوبر التذكية ؛ إذ الطهارة غير مشترطة في نحو التكة التي هي مورد السؤال مما لا يتم فيه الصلاة اتفاقاً . وكذا قبول الحيوان التذكية ؛ لعدم اشتراطها في الوبر من طاهر العين منه الذي هو مورد البحث في المسألة إجماعاً .
قيل : ولعل المراد من التذكية فيها كونه مما يؤكل لحمه ، ويشير إلى ذلك بعض الأخبار : في الصلاة في الفراء ، فقال : « لا تصلّ فيها إلّا ما كان ذكيّاً » قال ، قلت : أليس الذكي ما ذكّي بالحديد ؟ فقال : « بلى إذا كان مما يؤكل لحمه » (١) .
ولا بأس به ـ وإن بَعُد ـ جمعاً . ولكن الأولى حملها على التقية ، لما مرّ ؛ مضافاً إلى مناسبة اشتراط التذكية فيها لما يحكى عن الشافعي وأحمد : من اشتراطهما كون الشعر ونحوه مأخوذاً من الحي ، أو بعد التذكية ، وأنه إذا اُخذ من الميت فهو نجس لا تصح الصلاة فيه (٢) .
ومما ذكر ظهر ضعف الاستناد إلى هذه الرواية للحكم بجواز الصلاة في الشعرات الملقاة خاصة دون التكة ؛ نظراً إلى صحتها وضعف الرواية السابقة المصرحة بالمنع فيها بالخصوص .
لأن الضعف كما عرفت بما مرّ مجبور ، والصحيحة قد عرفت وجوه القدح فيها ، سيّما التقية .
وأضعف منه الاستناد لذلك بأن فيه الجمع بين الأخبار المانعة بحملها
___________________
(١) الكافي ٣ : ٣٩٧ / ٣ ، التهذيب ٢ : ٢٠٣ / ٧٩٧ ، الوسائل ٤ : ٣٤٥ أبواب لباس المصلي ب ٢ ح ٢ .
(٢) نقله عن الشافعي في صحيح مسلم بشروح النووي ( إرشاد الساري ٢ ) : ٤٣٢ ، وحكاه عن أحمد في المغني والشرح الكبير ١ : ١٠٥ .