هذه الأخبار كانت على ما يدّعونه من عدم سترها الكفين والقدمين ، ولِمَ لا يجوز أن دروعهن كانت مفضية إلى ستر أيديهنّ وأقدامهنّ ، كما هو مشاهد الآن في نساء أعراب الحجاز ، بل أكثر بلدان العرب . .
فيمكن دفعه بأن ما ذكر من الاحتمال وإن كان ممكناً إلّا أن ورود الروايات عليه بعيد جدّاً ، ولذا لم يحتمله أحد من الأصحاب فيها ، بل استدلّوا بها من دون تزلزل أصلاً مع أنهم أكثر اطّلاعاً وعلماً بثياب نساء العرب في زمانهم وزمان صدور الروايات جدّاً .
والذي نشاهد من نساء العرب في زماننا هذا عدم ستر دروعهنّ لأقدامهنّ أصلاً ولو كانت واسعة ذيلاً ، بل لو زاد السعة إلى جرّ الأذيال على الأرض لم تستر الأقدام بجميعها ، بل يبدو منها شيء ولو رؤوسها ، سيّما حالة المشي .
ومنه يظهر الجواب ولو سلم ورود تلك الروايات على ذلك الاحتمال ؛ لأنها تدل حينئذٍ أيضاً على عدم لزوم ستر جزء من القدمين ، ولا قائل بالفرق في البين ، فتأمّل جدّاً .
هذا ، مع أن ورود الروايات على ذلك الاحتمال يستلزم الدلالة على لزوم ستر جميع الكفّين والقدمين ، وهو كمال الستر الواجب إجماعاً ، مع أنّ في بعض الصحاح المتقدمة (١) كون القميص والدرع أدنى ما تستر به المرأة عورتها ، ولا يخفى التنافي بينهما .
ولو سلّم عدم المنافاة قلنا : يكفي في ردّ هذا الاحتمال ـ زيادةً على ما مرّ ـ دلالة النصوص (٢) الآتية في بحث النكاح ـ تفسيراً لِـ : « ما ظهر منها » في الآية الشريفة ( وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) (٣) بأنه الوجه والكفّان ، وزيد
___________________
(١) في ص : ٣٧٤ .
(٢) انظر الوسائل ٢٠ : ٢٠٠ أبواب مقدمات النكاح وآدابه ب ١٠٩ .
(٣) النور : ٣١ .