مشهورة ، وذلك أن «ما» و «من» وهما يتعاقبان ، قال تعالى : (وَالسَّماءِ وَما بَناها) [الشمس : ٨] وقال : (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) [الكافرون : ٣] وقال (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) [النور : ٤٥].
وحكى أبو عمرو بن العلاء : سبحان من سبح الرعد بحمده.
وقال بعضهم (١) : نزّل الإناث منزلة غير العقلاء كقوله : (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) [المؤمنون : ٦].
قال بعضهم (٢) : وحسن وقوعها هنا أنها واقعة على النساء ، وهن ناقصات العقول.
وبعضهم يقول : هي لصفات من يعقل.
وبعضهم يقول : لنوع من يعقل كأنه قيل : النوع الطيب من النساء ، وهي عبارات متقاربة. فلذلك لم نعدّها أوجها (٣).
الثاني : أنها نكرة موصوفة ، أي : أنكحوا جنسا طيبا أو عددا طيّبا.
الثالث : أنها مصدرية ، وذلك المصدر واقع موقع اسم الفاعل ، تقديره : فانكحوا [الطّيّب.
وقال أبو حيان (٤) : والمصدر مقدر هنا باسم الفاعل ، والمعنى فانكحوا](٥) النكاح الذي طاب لكم. والأول أظهر.
الرابع : أنها ظرفية تستلزم المصدرية ، والتقدير : فانكحوا ما طاب مدة يطيب فيها النكاح لكم (٦). إذا تقرر هذا ، فإن قلنا : إنها موصولة اسمية أو نكرة موصوفة ، أو مصدرية ، والمصدر واقع موقع اسم الفاعل كانت «ما» مفعولا ب «انكحوا» ويكون (مِنَ النِّساءِ) فيه وجهان:
أحدهما : أنها لبيان الجنس المبهم في «ما» عند من يثبت لها ذلك.
__________________
(١) ينظر : الرازي ٩ / ١٤١.
(٢) ينظر : الدر المصون ٢ / ٣٠٠.
(٣) ينظر : المصدر السابق.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٣ / ١٧٠.
(٥) سقط في ب.
(٦) تقع (ما) على ما لا يعقل ، وتقع على جنس من يعقل كما في الآية ؛ وتقع على صفة من يعقل قال تعالى : قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ [الشعراء : ٣٣]. ولا تقع على الواحد ممن يعقل ، على هذا أكثر البصريين ، وذهب بعض الكوفيين إلى أنها تقع عليه ، ونسب هذا الرأي إلى جماعة من المفسرين والنحاة ، منهم : الحسن ، ومجاهد ، وأبو عبيدة ، وابن درستويه ، ومكي ، وابن خروف. ويحتج لذلك بما حكي وهو : «سبحان ما سخركن لنا» فخاطب السحاب ، وأضاف سبحان إلى (ما) ف «ما» واقعة عليه سبحانه ؛ لأنه الذي سخرها ، وليس في هذا حجة ؛ لأن (سبحان) هنا يمكن أن تكون اسما علما ، ومنعه من الصرف التعريف ، وزيادة الألف والنون بمنزلة عمران.
انظر همع الهوامع ١ / ٣١٥ شرح الجمل لابن عصفور ١ / ١٧٣ البسيط شرح الجمل ١ / ٢٨٦ ـ ٢٨٧.