التّخليق (١) من مائه سببا للنّسب باطل ، طردا أو عكسا على قول أبي حنيفة ، وأمّا إذا قلنا : إنّ النّسب إنّما يثبت بحكم الشرع فههنا أجمع المسلمون أنّه لا نسب لولد الزّنى من الزّاني ، ولو انتسب إلى الزّاني لوجب على القاضي منعه من ذلك الانتساب ، فثبت أنّ انتسابها إليه غير ممكن ، لا على الحقيقة ، ولا على حكم الشرع.
وثانيها : قوله عليهالسلام : «الولد للفراش وللعاهر الحجر» (٢) فحصر النسب في الفراش.
وثالثها : أنّه لا ولاية له عليها ، ولا يرثها ولا ترثه ، ولا يجب لها عليه نفقة ولا حضانة ، ولا يحلّ له الخلوة بها ، ولمّا لم يثبت شيء من ذلك علمنا انتفاء النّسب بينهما ، وإذا انتفى النّسب بينهما حلّ التّزوّج بها.
قوله (وَأَخَواتُكُمْ) ويدخل فيه الأخوات للأبوين والأب وللأم.
قوله (وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ).
قال الواحديّ (٣) : كلّ ذكر رجع نسبك إليه فأخته عمّتك ، وقد تكون العمة من جهة الأم ، وهي أخت أبي أمّك ، وكل أنثى رجع نسبك إليها بالولادة فأختها خالتك ، وقد تكون الخالة من جهة الأب ، وهي أخت أمّ أبيك ، فألف «خالة» و «خال» منقلبة عن واو بدليل جمعه على «أخوال» قال تعالى : وبنات أخواتكم (٤) وقوله وبنات الأخ والأخت ، والقول فيهنّ كالقول في بنات الصلب.
قال المفسّرون (٥) كلّ امرأة حرم الله نكاحها ابتداء فهنّ المذكورات في الآية الأولى وكلّ امرأة كانت حلالا ثمّ طرأ تحريمها فهن اللاتي (٦) ذكرن في باقي الآية.
قوله (وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ).
قال الواحديّ (٧) : سمّاهن أمهات لأجل الحرمة ، كما أنّه تعالى سمّى أزواج النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أمهات المؤمنين [في قوله :](وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) [الأحزاب : ٦].
قوله : (مِنَ الرَّضاعَةِ) في موضع نصب على الحال ، يتعلق بمحذوف تقديره : وأخواتكم كائنات من الرضاعة.
وقرأ أبو حيوة (٨) من الرّضاعة بكسر الرّاء.
__________________
(١) في أ : الخلق.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر : تفسير الرازي ١٠ / ٢٤.
(٤) في أ : وبيوت أخوالكم.
(٥) ينظر : تفسير الرازي ١٠ / ٢٥.
(٦) في أ : اللواتي.
(٧) ينظر : تفسير الرازي ١٠ / ٢٥.
(٨) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٣٢ ، والبحر المحيط ٣ / ٢١٩ ، والدر المصون ٢ / ٣٤٢.