ـ ما تقدم من كون «لهم» هو الخبر ، ويكون «لأنفسهم» في محل نصب ؛ صفة ل «خير» ـ كما كان صفة له في قراءة الجمهور.
ونقل ـ أيضا ـ قراءة كسر «أن» وهي قراءة يحيى ، وخرجها على أنها جواب قسم محذوف ، والقسم وجوابه يسد مسدّ المفعولين ، ولا حاجة إلى ذلك ، بل تخريجها على ما تقدم أولى ؛ لأن الأصل عدم الحذف.
والإملاء : الإمهال والمدّ في العمر ومنه ملاوة الدهر ـ للمدة الطويلة ـ قال الواحدي واشتقاقه من الملوة ـ وهي المدة من الزمان ـ يقال : ملوت من الدهر ملوة وملوة وملوة وملاوة وملاوة وملاوة بمعنى واحد.
قال الأصمعيّ : يقال أملى عليه الزمان ـ أي : طال ـ وأملى له ـ أي : طوّل له وأمهله ـ قال أبو عبيدة : ومنه : الملا ـ للأرض الواسعة ـ والملوان : الليل والنهار ، وقولهم : ملّاك الله بنعمه ـ أي : منحكها عمرا طويلا ـ.
وقيل : الملوان : تكرّر الليل والنهار وامتدادهما ، بدليل إضافتهما إليهما في قول الشّاعر : [الطويل]
١٦٩٩ ـ نهار وليل دائم ملواهما |
|
على كلّ حال المرء يختلفان (١) |
فلو كانا الليل والنّهار لما أضيفا إليهما ؛ إذ الشيء لا يضاف إلى نفسه. فقوله : (أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ) أصل الياء واو ، ثم قلبت لوقوعها رابعة.
قوله : (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) قد تقدم أن يحيى بن وثّاب قرأ بكسر الأولى وفتح هذه فيما نقله عنه الزمخشريّ وتقدم تخريجها ، إلا أن أبا حيّان قال : إنه لم يحكها عنه غير الزمخشريّ بل الّذين نقلوا قراءة يحيى إنما نقلوا كسر الأولى فقط ، قال : وإنما الزمخشريّ ـ لولوعه بنصرة مذهبه ـ يروم رد كل شيء إليه.
قال شهاب الدّين (٢) : وهذا تحامل عليه ؛ لأنه ثقة ، لا ينقل ما لم يرو. وأما على قراءة كسرها ففيها وجهان :
الأول : أنها جملة مستأنفة ، تعليل للجملة قبلها ، كأنه قيل : ما بالهم يحسبون الإملاء خيرا؟ فقيل : (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) و «إنّ» ـ هنا مكفوفة ب «ما» ولذلك كتبت متصلة ـ على الأصل ولا يجوز أن تكون موصولة ـ اسمية ولا حرفية ـ لأن لام «كي» لا يصح وقوعها خبرا للمبتدأ ولا لنواسخه.
الثاني : أنّ هذه الجملة تكرير للأولى.
__________________
(١) البيت لتميم بن مقبل ـ ينظر المفردات للراغب ٤٩٤ وجامع البيان ٧ / ٢١ والدر المصون ٢ / ٢٦٨.
(٢) ينظر : الدر المصون ٢ / ٢٦٨.