قال شهاب الدّين (١) «لأنّ الظّاهر أنّها منصوبة على المصدر. وفي التفسير : أول خرجة خرجها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فالمعنى : أول مرّة من الخروج».
قال الزمخشريّ «فإن قلت : «مرّة» نكرة ، وضعت موضع المرات ، للتفضيل ، فلم ذكر اسم التفضيل المضاف إليها ، وهو دالّ على واحدة من المّرات؟ قلت : أكثر اللّغتين : أن يقال هند أكبر النساء ، وهي أكبرهنّ ، ثم إنّ قولك : هي كبرى امرأة ، لا يكاد يعثر عليه ، ولكن هي أكبر امرأة ، وأول مرة وآخر مرة».
والمعنى : أنّ الحاجة في المرّة الأولى إلى موافقتكم كانت أشدّ ، وبعد ذلك زالت تلك الحاجة فلما تخلّفتم عند مسيس الحاجة إلى حضوركم ؛ فبعد ذلك لا نقبلكم ، ولا نلتفت إليكم.
قوله : (مَعَ الْخالِفِينَ) هذا الظّرف يجوز أن يكون متعلقا ب «اقعدوا» ، ويجوز أن يتعلّق بمحذوف ؛ لأنّه حال من فاعل «اقعدوا». والخالف : المتخلّف بعد القوم.
قال الأخفش ، وأبو عبيدة : «الخالفون» جمع ، واحدهم «خالف» ، وهو من يخلف الرجل في قومه. والمعنى : مع الخالفين من الرّجال الذين يخلفون في البيت ، فلا يبرحون.
وقال الفرّاء : المراد : ب «الخالفين» «المخالفين» ، يقال : عبد خالف ، إذا كان مخالفا. وقال الأخفش : فلان خالفة أهل بيته إذا كان مخالفا لهم ، وقال الليث : يقال هذا رجل خالفة ، أي : مخالف كثير الخلاف ، فإذا جمع قلت : الخالفون. وقال الأصمعيّ : الخالف : هو الفاسد ، يقال : خلف فلان عن كل خير يخلف خلوفا ، إذا فسد ومنه «خلوف فم الصّائم» ، والمراد بهم : النّساء والصبيان والرّجال العاجزون ؛ فلذلك جاز جمعه للتّغليب. وقال قتادة : الخالفون : النّساء» (٢) وهو مردود ، لأجل الجمع. وقرأ عكرمة ، ومالك (٣) بن دينار (مَعَ الْخالِفِينَ) مقصورا من «الخالفين» ؛ كقوله : [الرجز]
٢٨٢٢ ـ مثل النّقا لبّده ضرب الظّلل (٤)
وقوله : [الرجز]
٢٨٢٣ ـ .... عردا |
|
.......... برد(٥) |
يريد : «الظّلال» و «عردا» : باردا.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ٤٨٨.
(٢) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٣١٨).
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٢٩٧ ، المحرر الوجيز ٣ / ٦٧ ، الدر المصون ٣ / ٤٨٨ ،
(٤) ينظر : المحتسب ١ / ١٨١ ، ٢٩٩ ، والخصائص ٣ / ١٣٤ ، واللسان (طلل) ، والبحر المحيط ٥ / ٨٣.
(٥) ينظر : الخصائص ٢ / ٣٦٥ ، والمحتسب ١ / ٢٩٩ ، واللسان (برد) ، (عرد).