(وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ* يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ) [النحل : ٥٨ ـ ٥٩] هذا مع ملاحظة أن هذه الآية ذكرت الأولاد بشكل عام ولم تخصص المورد بالأنثى ، مما يدل على أن الآية تتجه اتجاها آخر ، يختلف عن طبيعة التفسير المذكور ، لأن طبيعة خوف الفقر مما يشترك فيه الذكر والأنثى في مسئولية الآباء عن إعالتهم. وربما يقال : إن الذكر لا يمثل مشكلة صعبة بالنسبة إلى الأب ، لأنه يمثل عنصرا إنتاجيا من جهة ، وقوة دفاعية عن العائلة أو القبيلة من جهة أخرى ، بينما لا تملك الأنثى هذه الميزة ، بل هي عنصر سلبيّ من الجهتين. ولكن هذا القول بسلبية العنصر الإنتاجي لدى المرأة غير دقيق ، لأنها كانت تساعد في الإنتاج الزراعي والحيواني ، بالإضافة إلى الخدمات التي توفرها للعائلة ، مما لا يقوم به الرجل ، ولا تتسع ميزانية أيّ أب لتوفيره بالأجرة ، الأمر الذي لا يجعل من الأنثى مشكلة في هذا الجانب ، بل قد يكون وجودها حلا لكثير من المشاكل ، فيتعين أن لا تكون الآية هنا ، قريبة من أجواء وأد البنات ، وهناك ملاحظة أخرى ، وهي أن الآية تعالج المرحلة الزمنية التي يكون فيها الولد عيالا على الأب مما يثقل أوضاعه المادية ، ولا تعالج المسألة في امتدادها المستقبلي عند ما يتحول الولد إلى عنصر إنتاج ، والله العالم.
* * *