بالعهود والمواثيق ، التي تدفع إلى الشعور بالطمأنينة والاستقرار النفسي والعملي ، في ما يخط الإنسان لحركته ولحركة الناس من حوله ، ممن تتصل بهم مسئوليته على أكثر من صعيد ، فيطمئن لما أخذه من الآخرين في مستوى حركة العلاقات ، ويرتاح للمستقبل لاعتقاده بإخلاصهم لكلماتهم والتزاماتهم ، الأمر الذي يمنح الساحة القوّة والثقة والثبات.
(إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً) إنّ الله يسأل عباده عن العهد كيف أعطوه ، وما يشتمل عليه من مضمون شرعيّ أو غير شرعيّ ، وكيف حافظوا عليه بالوفاء به ، فيما إذا كان يملك شرعية المضمون ، لأن الله يريد للإنسان أن لا يلزم نفسه بأمر إلا إذا كان منسجما مع خط الإيمان ومدلوله ، فإذا التزم بعهد غير شرعي ، فلا يجوز له الوفاء به ، لأن قضية الوفاء تتحرك في خطين : مسئولية الإنسان أمام الإنسان الآخر ومسئولية الإنسان أمام الله ، في ما يجب عليه ، وما لا يجب أو لا يجوز ، كما إذا كان التزاما بفعل حرام ، أو خيانة الدين أو الأمة. وهكذا جاءت الآية لتحدد للإنسان مسئوليته عن العهد ، وذلك بطريق حذف كلمة «عنه» التي تتعلق بها كلمة المسؤولية. وربما كانت على سبيل الكناية ، باعتبار أن العهد يمثل الكلمة المسؤولية التي يجب أن تدافع عن نفسها في موقع الالتزام والحركة ، من خلال ما تمثله من شخصية قائلها. وقد يقال ـ في هذا المجال ـ إن الإنسان كلمة وعهد والتزام.
* * *