عما التزمه من المقدار الذي يجب عليه أن يسلّمه للطرف الآخر في التعاقد ، فينقضه حقه إذا كال أو وزن له ، مستغلّا غفلته أو جهله بالمقادير. وكانت هذه الآية تأكيدا لما جاءت به أكثر من آية ، في تحريم التطفيف في المكيال والميزان ، أو في إنقاص الناس أشياءهم التي يملكونها بالعقد ، لأن ذلك يعتبر نوعا من إفساد الحياة من خلال هذه الصيغة الفاسدة من التعامل المالي على مستوى التنفيذ والتطبيق.
ولعل من الواضح ، أن المسألة لا تنحصر بوجوب الوفاء في الكيل والوزن ، بل يشمل ما يكون التقدير فيه بالعد ، أو بالمساحة ، أو بنحو ذلك ... فلا بد للإنسان من أن يؤدي الحق كاملا غير منقوص ، بالقسطاس الذي وصف بالمستقيم ، انطلاقا من عدم الانحراف فيه عن خط الحق الذي يستحقه الناس.
(ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) لأنه يمثل العدل في حركة الحقوق المالية وإيصالها إلى أهلها ، ويؤدي إلى تأكيد الثقة في العلاقات الاجتماعية ، وبالتالي إلى احتواء المشاعر الخيّرة واحتضانها لمصلحة الإنسان في وجوده الفاعل في الحياة. ولعل المراد بكلمة (وَ (١) أَحْسَنُ تَأْوِيلاً) الأحسن مآلا ومرجعا في ما ينتهي إليه أمرهم ويرتكز عليه نظام معاشهم في استقامة الحقوق على الخط المستقيم.
* * *